تتعرض الاصول الثابتة التي تشمل الاراضي الزراعية والمباني والطرق والآلات والمعدات والسيارات والعدد والأدوات والأثاث والمشاريع في طور التنفيذ ، إلى التقادم والتعرية وفي حال عدم صيانتها باستمرار فإنها ستصبح خارج الخدمة قبل نهاية عمرها الافتراضي .
ويبدو واضحا ، ان فلسفة صيانة الاصول الثابتة غائبة في العراق او غير مفهومة بلحاظ قلة او انعدام التخصيصات المالية في الموازنة السنوية المتعلقة بجوانب الصيانة ، وبالتالي فان هذا الغياب يكبد الاقتصاد الوطني خسارة فادحة جدا ، والأمثلة على ذلك كثيرة ، فلو القينا نظرة سريعة على الكثير من المباني نجدها متهالكة جدا بسبب التماهل في صيانتها نتيجة غياب التخصيصات المالية ، اما السيارات والآلات والأثاث فلا تخلو وزارة من وجود مقبرة واسعة لأعداد كبيرة من السيارات العاطلة والأثاث المحطم وربما بعضها لا يحتاج سوى مبالغ قليلة لإعادة الحياة اليها ، ولكن تركها لفترة طويلة وهي ذات موديلات حديثة يصبح من الصعوبة بمكان اصلاحها والاستفادة منها … اما في مجال المشاريع ، فقد خلفٌت الازمة الاقتصادية التي ضربت العراق عام 2014 مئات المشاريع الاستثمارية وفيها نسب انجاز متقدمة وقد كلفت البلد مليارات الدولارات ، وتمثل هذه المبالغ التزامات ثقيلة على الحكومة ، ولو جرى اكمال وانجاز تلك المشاريع لما خسرنا تلك الاموال .. ولو تحدثنا عن الطرق سواء كانت داخل المدن او خارجها ، فان الحكومة تحتاج اليوم إلى مبالغ كبيرة لإعادة صيانتها في وقت يصعب توفير مثل هذه الاموال.
وعمليات الصيانة لا تعني القيام بإجراءات ترقيعية لا تعالج المشكلة بنحو جوهري ، فمثل هذه الاجراءات تحمٌل الموازنة نفقات كبيرة من دون ان تصمد طويلا ،لانعدام جدواها الاقتصادية … ولهذا نقول ، ان غياب فلسفة صيانة الاصول الثابتة لدى القائمين على وضع السياسة المالية للبلد ، ليس لأنهم لا يدركون اهميتها ، ولكنهم يخشون ان تصبح بابا للفساد لعدم وجود جداول كميات ودراسات جدوى وغير ذلك من المتطلبات الاخرى التي يجب ان تكون موجودة عند تنفيذ مشروع جديد .. ولكن اعتقد ان هذا الفهم ، ان كان فعلا هو السبب وراء غياب هذه الفلسفة ، فإننا يجب ان نعيد النظر بسياساتنا المالية في هذا الشأن ، لأننا خسرنا وسنخسر المزيد ، ان لم نتدارك امرنا ونهتم بقضية الصيانة .. اذن نحن نحتاج إلى فهم حقيقي وصحيح لفلسفة صيانة الاصول الثابتة .
عبدالزهرة محمد الهنداوي
فلسفة الصيانة
التعليقات مغلقة