تابعت لقاءا مع المرشح لرئاسة جمهورية مصر السيسي على احدى القنوات المصرية ، شمل مقدمة البرنامج الجميلة واثنـين مـن الصحفييـن ..
كان قائد الجيش السابق ومنقذ مصر من براثن الاخوان المسلمين والمرشح الحالي لقيادة مصر مابعد فشل التجربة الاخوانية، رجلا هادئا واضحا يضع النقاط على الحروف بكل بساطة، بلهجة مصرية بلا فذلكات لغوية ولا استعارات ولا تورية، ولم ينصب فاعلا ولا رفع منصوبا ، لم يتلكأ في اجابة ، وانما ساعد مقدمة البرنامج والصحفيين الاثنين على توضيح افكارهم التي كانت في بعضها غامضة باسلوب طرح الاسئلة ، لم يجامل احدا ولم يكن دبلوماسيا الى درجة ضياع الحقيقة بين الاحتمالات ..
حقيقة كنت وانا اتابع اللقاء، اتمنى ان أرى مسؤولا عراقيا من دون استثناء ، بمواصفات السيسي ، يجلس امامنا هادئا ويفرش لنا ملفات ازمتنا ويضع لنا كل النقاط على كل الحروف وان يكون قادرا على ان يقدم لنا اصعب الافكار واعقدها في حياتنا السياسية باسهل الجمل، ويجعلنا نتعرف على الحقائق من دون ان نضرب اخماسا باسداس ، ومن دون ان نشغل انفسنا ان كان مسؤولنا يقصد هذه الفكرة أو تلك القضية ، ويريحنا من هموم الاحتمالات ونتائجها ، لانها في النهاية تحدد موقفنا من هذه القضية أو تلك ..
هذا ليس انتقاصا من مسؤولينا ، وليس دعوة لاستنساخ شخصية السيسي، كما طالب احد مسؤولينا باستنساخ المالكي.. بكل بساطة انها القدرة على الوصول الى الاخرين بسهولة ويسر وشفافية وقناعة ايضا ..
عندما سئل السيسي عن اعطاء المرأة مركز محافظ في محافظة تتكاثر فيها جرذان الاخوان والارهاب ، قال الرجل بكل وضوح وبساطة ، اننا نظلم المرأة لو اعطيناها هذا المركز في هذا الظرف الذي يحتاج الى رجال سندربهم في الخارج لمواجهة هذا النوع من البشر .. وتصورت لوهلة لو ان مسؤولا عراقيا سئل السؤال نفسه ، انه سيزايد على المرأة نفسها وحقوقها، وكان سيثقل اسماعنا بحديث عن حقوق المرأة منذ تفاحة آدم في الوقت الذي ، مثلا ، كان مستنكفا من ان يجلب زوجته معه الى صناديق الاقتراع ..
نحتاج حقيقة الى شفافية المسؤول وشجاعته وصدقه وقدرته على ان يدخل قلوبنا من دون جواز سفر كما يقال، وان يدلنا على مكامن الخطأ واسباب الازمات والحلول وما هو مطلوب منّا كي نساعده ..
المسؤولون لدينا نوعان ..
الاول في السلطة وبحبحاتها مهمته الاولى التبرير وتكذيب الحقائق وان كانت موثقة، وتخفيف الازمات والقائها على المؤامرات الخارجية والامبريالية الاميركية، برغم انه من المقيمين في السفارة الاميركية ذهابا وايابا، يدخلها بالمروحيات ويغادرها بالاسلوب نفسه ..!
والثاني لاهو معارض ولا هو حكومي ، ولا تعرف في اي خطاب هو معارض ولا في اي خطاب هو حكومي ، لان الخطاب نفسه يحتمل التأويل، واغلب الظن انه يتعمد ذلك لارضاء كل الاطراف ، فتراه مرّة في احضان الدكتاتورية كما اسماها ومرّة يشتمها ..
خذوا ازمة الانبار ومعركة الفلوجة الآن .. من يعرف ماذا جرى وكيف جرى وماهي الحلول والى اين سيؤدي بنا مايجري على اطراف بغداد ؟
لاأحد يقول الحقيقة من الحكومة ومعارضيها سوى الكلام العام والعمومي عن الارهاب وقتاله والمبادرات الهلامية والمستقبل المشرق أو المجهول !!
اخشى ان نتحدث اكثر عن السيسي فيقال عنّا انّا اصحاب اجندات خارجية وارتباطات امبريالية ومن مؤيدي الانقلابات..
كل ما نريده ان يخرج الينا مسؤول ويقول لنا حقيقة مايجري في هذه البلاد، كما قال السيسي في البرنامج التلفزيوني حقيقة مايجري في بلاده ..!!
عامر القيسي