الحدود البرية للعراق مع دول الجوار فرضت احداثا تاريخية منذ نشوء التجمعات الانسانية وتشكل الحضارات والدول في البلدان المحيطة به ومنذ قرون عديدة شهدت هذه الرقعة من الجغرافية في الشرق الاوسط انهيارحضارات ودول وانظمة سياسية مختلفة تحت وطاة الغزوات والحروب وقبل ان ينبري المؤرخون والمحللون في تفسير الأحداث التي مرت هذه الرقعة الجغرافية ينبغي قراءة التاريخ السياسي للعلاقات العراقية مع دول الجوار بعين فاحصة تاخذ بنظر الاعتبار الجوار الجغرافي للامة العراقية التي تشكلت في بلاد مابين النهرين وقد تعاملت الانظمة السياسية المتعاقبة في العراق مع دول الجوار وفقا لايدلوجيات هذه الانظمة التي يؤمن بها قادتها وقد اثبتت الاحداث ان النظر بتوازن وحكمة وعقلانية وتفهم للواقع السياسي والاقتصادي والامني المرتبط بالموقع الجغرافي للعراق هو السبيل الوحيد لانقاذ الامة العراقية من براثن الاطماع الخارجية وابعاد شبح الحروب عنه وتبديد الهواجس والمخاوف على مستقبل هذه البلاد وفي قراءة سريعة للتاريخ الحديث والمعاصر يمكن ايجاد مقارنات حقيقة لما فعلته الأنظمة السياسية التي حكمت العراق في حقب مختلفة ويمكننا ايضا التعرف على مساحات النجاح والفشل في ملف العلاقات الخارجية للعراق فهناك ثمة قادة ووزراء خارجية تعاملوا بحرفية ومهنية وواقعية في هذا الملف المعقد وهناك من تعامل بجهل وانطلق من عقد نفسية مريضة جلبت للعراق الويلات وجعلت من ابناء هذه البلاد وقودا في محارق الحروب العبثية وقد ان الاوان للحديث بصراحة مع الاصدقاء والاعداء عن الضرورات التاريخية والجغرافية التي تتحكم وتؤثر في مسارات علاقات العراق مع جيرانه ومن دون هذه الصراحة ستبقى التجاذبات الساسية قائمة على اسس طائفية ومناطقية . وفئوية وحزبية وهي جميعها اسس قاصرة لن يجني منها العراقيون سوى المزيد من الخسارات ..فالجغرافية المستفزة هنا قائمة تفرض جوارا ابديا وليس وقتيا ولايمكن وقف تاثيراتها على المشهد العراقي وتقول لنا بوضوح ان هذه البلاد يجب ان تبقى نقطة توازن بين الفرقاء من حولها ونقطة تلاقي بين الاقطاب الدولية المتنافرة وان التوازن يتطلب مهارة سياسية فائقة تاخذ بنظر الاعتبار مصالح الامة وتحترم الخصوصيات ولاتفرض الخيارات الفردية ومتى ماعثرنا على قادة وزعماء ووزراء يتحلون بالحصافة والحنكة والمهارة وقادرين على تحويل هذه التنوع والاختلاف في الرؤى السياسية الى عناصر ايجابية تمنح النظام السياسي القوة والقدرة على الحركة من دون قيود خارجية وبما يضمن عدم التدخل في الشؤون الداخلية لكل دولة سنطمئن على حاضر ومستقبل العراق
علي شمخي