لم يكن نوعاً من اللقاح ولا وصفة طبية لكنه الشجن العراقي الأصيل الذي يلامس الروح وينفض غبار الألم عن قلوب رافقها الحزن منذ أن بدأت تنبض للحياة في بلد كتب عليه أن يعيش تحت وطأة حروب أنهكته ,وتسلط حكام لم يراعوا حقوق رعيتهم, مواويل وأغاني كانت لفترات متلاحقة ملاذا للعراقيين حتى في حالات الفرح النادرة التي تصادفهم ,الحان يغلب عليها طابع الحزن تحاكي أوجاعهم وتبكيهم فرحا تم توظيفها بما يخدم الأزمة الصحية الراهنة ,
محمد الخاطر الذي يعمل محللا تقنيا في أحدى مستشفيات العزل في البصرة كان ملاك الرحمة هناك جمع بين اختصاصه الطبي وموهبته الغنائية , لم يقتصر دوره على تقديم العلاج ومتابعه حالات المرضى بل كان يقدم جرعة من الأمل بصوته الشجي وألحانه العذبة التي يتردد صداها بين ممرات المستشفى وردهات العزل كان يختار من مقطوعاته الغنائية ما يناسب حالة كل مريض, فتارة تجده يغني لشاب انهار المستقبل أمامه وهوت أحلامه تحت جحيم الوباء, وتارة يغني لطفل لا يدرك ما يدور حوله سوى ما يشعر به من الم وضيق في النفس فيرقص معه حتى ينسيه أوجاعه, وتارة يغني لأم تركت أبنائها وهم بأمس الحاجة لها فيغنى لها (يا أمي يا أم الوفه) وهي أكثر مقطوعاته التي أثرت في النفوس وأدمعت العيون داخل وخارج العراق, أما تلك الفتاة العشرينه فكان لها نصيب هي الأخرى من أغانيه بمقطع قال فيه (كلي يحلو منين الله جابك) .
تعلم محمد فن التعامل مع المرضى بعد أن عاش تجربة الإصابة بالوباء وخاض صراعاً شرساً معه , فترة قاسية عرف من خلالها ما يحتاجه المريض وأدرك فيها أهمية العلاج النفسي لترويض المصابين لتقبل العلاج من خلال التقرب لهم بما يحبون وتهيئتهم نفسيا لتعزيز المناعة الذاتية التي تؤدي دورا مهما للقضاء على الفيروس خاصة وان التوصل لعقار يقضي على الفيروس ما يزال متعسرا حتى هذه اللحظة, رسالة ايجابية ولفتة مليئة بقيم النبل الإنسانية في زمن الموت, كسرت حاجز الرهبة والخوف من فكرة المكوث الطويل في المستشفى دون رؤية الأهل والأقرباء, مبادرة زرعت البسمة والأمل في نفوس المرضى كانت نتائجها الشفاء التام.وعن لسان محمد الخاطر نقول لكل المصابين (طيب عساك بخير وبصحة زينه).
صابرين الكاتب