كل هذا النجاح انطلق من الفأر»ميكي«
متابعة الصباح الجديد:
بسبب كل الإحباطات والصعوبات التي واجهت والت ديزني خلال بداية طريقه، كان يمكنه بسهولة أن يتراجع، وكان سيصبح معذورًا إلى أبعد مدى إذا تمكن من اليأس وأغلق أبواب جهده في وجه حلمه، لكنه لم يفعل، ظل مُصدقًا ومؤمنًا أن بإمكانه أن يصنع شيئًا مختلفًا، فعل كثيرًا من الأشياء المجنونة، وأقدم على كثير من الخطوات غير المحسوبة، التي قال عنها المحيطون به إنها توحي بسوء إدارته وعدم كفاية خبرته ، لكن حتى تلك الخطوات المرتجلة المتعثرة قادت إلى مزيد من النجاح، وتسببت في تأسيس إمبراطورية ليست فقط هي من الأكثر نجاحًا وثراءً على مستوى العالم، لكنها أيضًا اضطلعت بتصدير البهجة لأطفال العالم جميعاً، وأسست كثيرًا من الأيقونات والشخصيات الكارتونية التي تنتمي لعالم الطفولة وتمثل نقاءها وصفاءها وبهجتها في ذهن الكبار أيضًا.
الإصرار عنوان النجاح
«يُمكنك أن تُصمم وتخلق، وتبني المكان الأكثر من رائع في العالم أجمع، هذا سيدفع الناس أيضًا إلى جعل أحلامهم حقيقة» هكذا كان يقول والت، وهكذا كان يشعر بعمق مسؤوليته في تحقيق حلمه، والتي ستكون تجربة مُلهمة بدورها للجميع لتحقيق أحلامهم وجعلها حقيقة واقعة.
وبرغم الإصرار والتحدي والمسؤولية في الجملة السابقة، إلا أنّ حياة والت بكل أحداثها كانت تقوده إلى أن يتخلى عن كل هذا، فوفقًا لكتاب «والت ديزني» الذي كتبه الأخوان كاترين وريتشارد جرين، والذي جمعا أحداثه من خلال أصدقاء ديزني وأقاربه ومن خلال زيارة الأماكن التي عاش فيها، حيث قادتهم زيارة إلى مدينة ديزني نالا خلالها كثيرًا من المتعة والبهجة، أن يبحثا لمدة خمس سنوات كاملة وراء الرجل الذي كان سببًا في تأسيسها.
يروي الأخوان أنه كان لدى والت أسباب قوية تدفعه للاعتقاد أنه أسوأ الناس حظًا، ومشوار حياته يتسم بكثير من قصص الفشل قبل كل نجاح وخيبة الأمل قبل كل انتصار، لكنه كان دائم الجوع والنهم لغزو الآفاق الجديدة وقهرها.
وفي عام 1911 حين كان عمر والت لا يتجاوز السنوات التسع، انتقل مع أسرته إلى مدينة كنساس بعد مرض والده الذي اضطره إلى بيع مزرعته، وحاول الوالد أن يستثمر ثمنها في الحصول على حق توزيع الصحف على ألفي عميل، فاعتمد على ولديه والت وروي لإيصال الصحف للمشتركين، وهو ما كان يدفع والت للاستيقاظ في الثالثة والنصف فجرًا ويتخلى عن دفء سريره لأداء عمله، كما يستغرق منه نحو الساعتين بعد الظهيرة لتوزيع الصحف المسائية.
وكان أعظم ما يتوق إليه والت وقتها هو أن يحصل على دخل إضافي ثابت من خلال توزيع 50 صحيفة على قائدي المركبات في السادسة والنصف صباحًا ، بإضافة إلى عمله مع أبيه، وعندما أعلن لأبيه فكرته أصرّ أن يكون ربح هذا العمل لحسابه، وهو ما دفع والت للاتفاق سرًا مع موزع جرائد آخر للحصول على النسخ الخمسين منه بعيدًا عن أعين أبيه.
وفي عام 1917 بدأ والت في الرسم لصحيفة الطالب، ولكن مغامرته الأكبر كانت كذبته بشأن سنه بمساعدة والدته حتى يتمكن من الانضمام إلى فريق الإسعاف التابع للصليب الأحمر في أوروبا بعد الحرب العالمية الأولى، وهو ما قاد والت إلى فرنسا في عام 1918 حيث بدأ ولمدة تسعة أشهر في قيادة شاحنات الإمداد وسيارات الإسعاف ونقل الضباط.
عاد والت إلى أسرته التي تشتت شملها، وفقًا لكتاب الأخوين جرين، عام 1921، إذ انفصل والت عن أسرته وعثر وقتها على منزل يؤجر بعض الغرف، كما استطاع استئجار مكان صغير لينتج فيه أفلام رسومه المتحركة، ووضع كل تركيزه في العمل، وأنتج إعلانًا لشباب كانوا مهتمين بتعلم هذه الحرفة، لم يكن يحصل منهم على مال ولا هم كذلك، وقد كان الاتفاق بينهم أن يعلمهم ووعدوه هم أن يشركوه في الأرباح في المستقبل، كل ذلك لم يكن يوحي أبدًا بكل التوسع الذي سيصل إليه مشروع والت وحلمه.
والت ديزني مع الفأر ميكي
كان اليقين الذي يُحرك الرجل هو الطاقة التي جعلته يبتكر كثيرًا من الشخصيات الكارتونية المميزة ومنها شخصية ميكي ماوس، والتي قال عنها : إن الناس عندما يضحكون على ميكي فإنهم يفعلون ذلك لأنه يبدو إنسانيًا جدًا، وهذا هو سر شعبيته، واعترف والت بفضل شخصية ميكي الكارتونية عليه قائلًا: «آمل ألا ننسى أبدًا أن كل هذا النجاح قد انطلق من فأر»، يقين والت بحلمه وصل به إلى أن يحصل على 22 جائزة أكاديمية خلال حياته، كما جعله السبب في تأثير أكبر مدينة ملاهٍ في العالم وهي ديزني لاند.
أصبحت شركة والت ديزني من أكبر التكتلات السينمائية والإعلامية على مستوى العالم من حيث الإيرادات التي تحققها، بعد أن كانت في البدء مجرد فكرة للأخوين والت وروي ديزني، يهدفون من خلالها إلى تصميم الرسوم المتحركة، وأسسوا حينها الشركة الأولى في 16 أكتوبر 1923، أما شركة والت ديزني للإنتاج بشكلها واسمها الحالي فقد أسست عام 1986، وجاء نشاطها شركةً رائدةً في صناعة الرسوم المتحركة الأميركية، وذلك قبل أن يتنوع إنتاجها ليشمل الأفلام الحيّة والأعمال التلفزيونية، وقد وسعت شركة ديزني نطاق اهتماماتها وأصبحت تركز أيضًا على المسرح والإذاعة والكتب والمجلات المطبوعة ووسائل الإعلام عبر شبكة الإنترنت، كما أنشئت أقسام جديدة للشركة من أجل تسويق محتوى أكثر نضجًا يرتبط بالأسرة فيجعل العلامات التجارية الرائدة العالمية التي تتعلق بالأسرة تسعى أيضًا للتعامل معها من أجل الحملات الإعلانية لمنتجاتها.