تتفاقم في العراق مشكلات متنوعة منها مايرتبط بميادين الخدمة العامة ومنها مايرتبط بمشاريع استراتيجية ملحة تفتقدها المدن العراقية منذ سنوات طويلة وفي الوقت الذي تذكر فيها الدراسات العالمية المعنية بالتنمية امتلاك العراق خلال سنوات السبعينيات والثمانينيات امكانات متطورة على مستوى الصحة والتعليم والصناعة اقترب فيها العراق من الالتحاق بركوب الدول المتقدمة حسب التصنيفات الدولية الا أن انغماس النظام السابق بحروب عبثية استنزفت ميزانيات البلاد السنوية اضاعت الفرصة للنهوض والظهور كدولة انموذجية في الشرق الأوسط ثم جاءت العقوبات الدولية المفروضة بقرارات مجلس الامن عقب احتلال الكويت لتستكمل خارطة التراجع وحرمان العراقي من الغذاء والدواء وصولا إلى توصيف بلاد مابين النهرين بالبلاد الفقيرة التي يستحق شعبها المساعدات.
وخلال عقدين من الزمن افتقدت المحافظات المشاريع الضرورية التي توفر الحد الادنى من مقومات الخدمات العامة للمواطن العراقي يقابلها نموا سكانيا كبيرا مما جعل الضائقة الإقتصادية والمالية تتفاقم مع الاحتياج الكبير لبناء المدارس والمستشفيات والمنشات الخدمية الأخرى وماتزال مشاريع استراتيجية مهمة بعيدة المنال يتمنى كل عراقي وجودها لتغنيه عن السفر والترحال في دول العالم الأخرى بحثا عن رعاية صحية أو الحصول على فرصة تعليمية في الجامعات او اقتناء ساعة ضرورية لايجدها فيه ولكنه وفي كل ازمة أو انهيار مالي أو اقتصادي يتذكر المسؤولون العراقيون مثل هذه المشاريع ويتحججون بعدم توفر السيولة المالية لتبني مثل هذه المشاريع فيما واقع الحال يقول خلاف ذلك فانشاء مختبر مركزي للتحليلات المرضية في كل محافظة لن يكلف الدولة الكثير من الأموال بدلا من ارسال العينات إلى مختبر بغداد المركزي وانتظار النتائج النهائية ومثل ذلك ينطبق على الاجهزة الطبية المعنية بالكشف عن الأورام أو المراكز التخصصية لاجراء العمليات الجراحية التي توفر الفرصة لعلاج العراقيين داخل دولتهم وعدم انفاق الأموال في الخارج والقائمة تطول لتشمل المصانع المتخصصة بالسيارات ومعامل الاسفلت التي تمكن البلديات من تأهيل الشوارع اعتمادا على الامكانات المحلية ومراكز التدريب والتصنيع الخاصة بانتاج المكائن والعدد والمستلزمات الزراعية التي تعيد الحياة للزراعة العراقية والتي لاتتطلب سوى شراء معدات الحراثة ومعدات شق الأنهار وأدوات السقي وتوفير البذور وغيرها .. مثل هذه المشاريع والخطط يمكن لها ان تعيد بناء الدولة العراقية على أسس صحيحة وتجعل العراق قادرا على مواجهة الاخطار المحدقة التي تتولد من انخفاض أسعار النفط وتخشى فيها الدولة عدم قدرتها على تأمين الرواتب وتغطية العجز السنوي في الميزانيات العامة وتنقل العراق من التوصيف كدولة ريعية تعتمد اعتمادا كليا على تصدير النفط إلى دولة أخرى تنشط فيها المشاريع الزراعية والصناعية والتجارية وتسهم في عدم تبذير امواله وهدرها في الداخل والخارج.
د. علي شمخي