تبنته روسيا وتركيا لانهاء قتال استمر تسعة اشهر
متابعة ـ الصباح الجديد :
ارجأ المشير خليفة حفتر الذي يعد واسع النفوذ في شرق ليبيا، التوقيع على اتفاق لوقف إطلاق النار خلال محادثات في موسكو امس الأول الاثنين، لكن الحكومة الروسية أعربت عن تفاؤلها بأن طرفي النزاع الليبي سيوقّعان قريبًا الوثيقة الرامية لإنهاء تسعة اشهر من القتال.
وتواصلت المحادثات بشأن شروط وقف إطلاق النار بين قوات حفتر وحكومة الوفاق الوطني المعترف بها أمميًا بقيادة فايز السرّاج لسبع ساعات من دون لقاء مباشر بين الوفدين، بينما أشارت موسكو إلى أنها أثمرت عن «تقدّم معيّن».
وشنت القوات الموالية لحفتر، المتمركز في شرق البلاد مع السياسيين الموالين، هجومًا على العاصمة طرابلس حيث مقر حكومة السرّاج منذ نيسان الماضي.
وكان من المقرر أن يتفق الطرفان على شروط وقف إطلاق النار الذي دخل حيّز التنفيذ الأحد الماضي في محادثات عززت الآمال بشأن وضع حد لآخر موجة من القتال التي تهزّ البلد الغني بالنفط منذ اندلاع انتفاضة في 2011 دعمها حلف شمال الأطلسي وادت الى مقتل معمر القذافي.
وأكّد وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف أن السرّاج ورئيس مجلس الدولة (يوازي مجلس أعيان) في طرابلس خالد المشري وقّعا على اتفاق وقف إطلاق النار.
لكن حفتر وحليفه رئيس البرلمان الليبيّ عقيلة صالح «طلبا بعض الوقت الإضافي حتى الصباح» لدراسة الوثيقة.
ولعبت تركيا ووزيرا الخارجية والدفاع الروسيين دور وسطاء، لكن الوفدين المتخاصمين لم يلتقيا وجهًا لوجه.
ونقل حساب تلفزيون «ليبيا الأحرار» في تويتر عن المشري قوله «رفضنا أي لقاء مع حفتر ولن نجلس معه ولن نجلس معه تحت أي ظرف ومفاوضاتنا تتم مع أصدقائنا الأتراك والروس».
وأطلق الرئيس الروسي فلاديمير بوتين ونظيره التركي رجب طيب إردوغان مبادرة وقف إطلاق النار وأصدرا دعوة مشتركة من اسطنبول الأسبوع الماضي لهدنة في ليبيا.
ودخل وقف هش لإطلاق النار حيّز التنفيذ منذ منتصف ليل الأحد الماضي، لكن إردوغان شدد امس الأول الاثنين على ضرورة التوصّل لوقف دائم لإطلاق النار بعدما التقى رئيس الوزراء الإيطالي جوزيبي كونتي.
مناطق السيطرة في ليبيا
وزارت المستشارة الألمانية أنغيلا ميركل السبت الماضي الرئيس الروسي الذي أعرب عن تأييده لمساعيها الرامية لعقد مؤتمر للسلام في ليبيا برعاية الأمم المتحدة. وأعلنت برلين امس الأول الاثنين أن القمة ستنعقد في التاسع عشر من هذا الشهر.
ودعا الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون امس الأول الاثنين إلى هدنة «ذات مصداقية ودائمة ويمكن التحقق منها».
وتسعى القوى الغربية لإعادة الاستقرار إلى ليبيا، التي تضم أكبر احتياطات نفطية مثبتة في القارّة الإفريقية، جرّاء المخاوف من استغلال مقاتلين متطرفين ومهربي البشر — الناشطين أصلاً للفوضى.
«طيّ صفحة الماضي»
ودعا السرّاج امس الأول الإثنين الليبيّين إلى «طيّ صفحة الماضي ونبذ الفرقة ورصّ الصفوف للانطلاق نحو السلام والاستقرار».
وأكد «لا تعتقدوا أبداً أننا سنفرط بتضحيات أبنائنا ودماء شهدائنا، أو بيعنا لحلم السير نحو الدولة المدنية»، مشيرا إلى أن «خطوة التوقيع على وقف اطلاق النار إنما هي للدفع بهذا الاتفاق إلى الأمام ولمنع إراقة المزيد من الدم الليبي».
وقتل أكثر من 280 مدنيًا ونحو ألفي مقاتل بينما نزح 146 ألف ليبي منذ بدأ هجوم قوات حفتر على طرابلس، بحسب تقديرات الأمم المتحدة.
وجاءت المبادرة الدبلوماسية التركية الروسية رغم موقفي البلدين المتباينين حيال الفرقاء الليبيين.
وأرسلت أنقرة هذا الشهر قوات لدعم حكومة الوفاق الليبية قالت إنها للتدريب، في خطوة انتقدتها القوى الأوروبية والرئيس الأميركي دونالد ترامب.
وأبرمت حكومة طرابلس اتفاقات كذلك مع أنقرة تمنح تركيا حقوقًا في منطقة واسعة شرق المتوسط، وهو أمر نددت به كل من فرنسا واليونان ومصر وقبرص.
واتُّهمت روسيا بدورها بدعم القوات الموالية لحفتر، التي تحظى كذلك بدعم من الإمارات والسعودية ومصر، خصوم تركيا في المنطقة.
وتحدّثت تقارير عن وجود مئات المرتزقة الروس في ليبيا دعمًا لحفتر. لكن بوتين شدد على أن لا علاقة لموسكو بأي روس متواجدين في ليبيا.
ويشير الخبير الروسي في مجال الدفاع أليكسي مالاشينكو إلى أن موسكو تدعم حفتر باعتباره الأقوى عسكريًا وتؤيدها حليفتها مصر في ذلك.
وقال «ترغب موسكو بالحفاظ على تواجدها في ليبيا من خلال حفتر، بما في ذلك (الحفاظ) على مصالحها النفطية».
وفضلاً عن المكاسب الجيوسياسية والحصول على امتيازات الوصول إلى النفط الليبي، تأمل روسيا بأن تستعيد في ليبيا سوقاً مهماً للسلاح والقمح، كما يطمح بوتين بالحصول على موطئ قدم في إفريقيا.
وأطلقت دول أوروبية وغيرها حراكًا دبلوماسية لمنع تدويل النزاع وتحوّل ليبيا إلى ما وصفتها برلين «سوريا اخرى».
وحذّر العاهل الأردني الملك عبد الله الثاني من أن «عدة آلاف من المقاتلين الأجانب قد غادروا إدلب (شمال سوريا) وانتهى بهم المطاف في ليبيا، وهذا أمر علينا جميعا في المنطقة وعلى الاصدقاء في أوروبا مواجهته في عام 2020».