على مدى اكثر من ثلاثين عاما بقي الصراع العربي – الاسرائيلي مدار بحث وتمحيص من قبل المحللين العسكريين ونال هذا الصراع الاهتمام الاكبر من سياسي مهتمين بشؤون المنطقة العربية ومنطقة الشرق الاوسط عامة واذا ما تم استعراض الجهود التي جرى تكريسها للانشغال بالقضية الفلسطينة فاننا بالتاكيد سنحتاج الى ملفات ضخمة لاستيعاب معطيات الصراع العربي – الاسرائيلي وكيف اصبحت القدس فيما بعد القضية المركزية في العالم العربي والاسلامي تقدمت على ما سواها ولطالما كانت الادبيات السياسية تختار هذا الموضوع لوضعه على لائحة الاهتمامات في منظومات الحكم العربي ولطالما انشغل قادة وزعماء عرب بتريب اولويات استحقاقاتهم في ادارة الملفات الخارجية تبعا للاحداث التي تتعلق بالقضية الفلسطينية ومما يلفت الانتباه ان ثمة متغيرات كثيرة طرأت في تفاصيل هذا الصراع وان احداث جسيمة المت بالعالم العربي غيرت من خارطة التحالفات في المنطقة وتغير معها ميزان التعامل مع الولايات المتحدة الامريكية باعتبارها الراعية الاكبر والحامي الاكبر لدولة اسرائيل منذ الاعلان عنها قبل عقود طويلة من الزمن وفي نفس الوقت ساهمت احداث دراماتيكية اخرى في انقلاب التفكير لدى عقول زعامات عربية ابرزها الاحتلال العراقي للكويت وبروز الدور الايراني الخطير في رسم محاور الصراع في منطقة الخليج العربي وتراجع الخطط الستراتيجية التي تتعلق بسباق التسلح بين الدول العربية واسرائيل ومقارنته مع محاور ورؤوس اخرى جديدة في مقدمتها الظهور الايراني القوي في احداث العراق وسوريا .. والتهديدات المتواصلة بين الايرانيين والاسرائيلين من جهة وبين الايرانيين والسعودية وحلفائها في الخليج من جهة اخرى وخلافا للتوقعات التي اعتادت ان تنتظر الحلول في ملف صنع السلام في منطقة الشرق الاوسط من الدول الكبرى اميركا وروسيا والدول الاوربية الاخرى تضطلع دول صغيرة مثل البحرين وقطر في تولي ادوار حساسة في هذا الصراع وتتقدم بمشاريع سياسية جديدة في مضمونها وفي شكلها وتتراجع ادوار دول عربية كبيرة مثل مصر والسعودية والعراق اعتادت اخذ زمام المبادرة والريادة في الادارة السياسية لهذا الصراع وفي كل هذه التحولات لابد للقيادات السياسية في هرم الانظمة العربية من قراءات جديدة لوجه الصراع مع اسرائيل انطلاقا من قراءات اقتصادية وامنية تاخذ بنظر الاعتبار تفتت التحالفات العربية وبروز الانشقاقات في منظومات التعاون الاقليمي وغياب اي دور حقيقي للفلسطينين في ترجيح كفتهم في هذا الصراع ويمكن القول ان ماتسرب من تفاصيل عن صفقة القرن التي ارتسمت معالمها مع مجيء دونالد ترام الى السلطة وتريد البحرين تبنيها لحل اطول نزاع في العالم يمكن ان يشكل قراءة جديدة لهذا النزاع تختلف جذريا عن كل الاساليب السابقة التي انتهجت للوصول الى حلول حاسمة ونهائية للقضية الفلسطينية وعلى العرب ان يتوحدوا في اعلان موقفهم من المتبنى البحريني المدعوم سعوديا واماراتيا الذي يعتمد الاقتصاد والمال مثلما تريد الولايات المتحدة الامريكية بالقبول او الرفض او التفكير بمخارج ذكية تجنبهم البقاء في اتون هذا الصراع من دون كسب اي نقاط او جني اي ارباح لتغيير واقعهم مع تراجع ادوارهم الاقليمية وتاثيرهم في هذا الملف المصيري .
د. علي شمخي