محمد الكريم
ليس بوسعِنا أن نبلغَ الاشياءَ ونصل إلى كمالِها ولا نستطيعُ دوماً أنْ نفكَّ الشفراتِ لنكون على اكملِ وجهٍ، فبلوغ الحبِّ لا شفرةَ ثابتة له، فإذا ما أردنا أن نأكلَ تفاحةً، فما علينا سوى أن نتناولَها من السلة، لنصعد على أثرِها الى أقاصي جنونِ حبنا. ونكون نجمينِ متلألئينِ في سماءٍ لم يصعدْها سوانا. وطالما أنَّ الليلَ سفرٌ طويلٌ على أملِ بلوغِ الفجرِ، فنحن نركبُه نيّاماً دون تركِ أثرٍ يُذكرُ، أو نمارسُ الحبَّ بعد أن قضمنا تفاحةً واحدةً لنهبط من السريرِ الى الارضية، يا للعنةِ التفاحِ!. ضوءُ الغرفةِ أحمرٌ خافت، والظلُّ الساقطُ تحتنا هو سيلُ الحبِّ النازفِ، لا أذكرُ لونَهُ، هكذا أرادنا فنانُ هذه اللوحةِ أن نكونَ.
ما ذنبُنا أن نأكلَ التفاحةَ ونَنزلَ من السريرِ الناعمِ إلى أرضيّةٍ صُلبةٍ غير قادرينَ على ممارسةِ الحبِّ بأتمِّ وجهٍ. لم تشعرْ بالمتعةِ، لكنَّنا نخضعُ لرغبةِ الفنانِ في لحظةِ جنونٍ، بعد أن ثَمِلَ في أولِّ الليلِ بصحبةِ أصدقائهِ الشعراءَ والفنانين ليأتي إلى غرفته ثمِلاً، ويلطّخُ ألوانَهُ ذاتَ الماركةِ الايطاليةِ على قطعةِ قماشٍ ويُشعلُ سيجارتَهُ منذ لحظةِ دخولِهِ وحتى سجننا في اللوحة. اللوحة: سريرٌ واسعٌ بملاءةٍ بيضاءَ ناعمةٍ، وثمَّةَ مائدةٌ ترتكنُ في الزاويةِ عليها سلةُ فواكهٍ، وتظهر تفاحةٌ مقضومةٌ، ونحن أنا وهي عاريان، ممددان على أرضيةٍ ذاتِ الجلدِ الأصفرَ الباهت… أيسخرُ منّا هذا المجنون؟. أيُّها الصبحُ، قمْ وافتحْ قيدَنا، أيُّها الكونُ كنْ معنا لا مع الرسامِ الذي تركنا هنا داخلَ الاطار، آهٍ. سيبيعُنا في معرضٍ، ويرى الناسُ اللوحةَ -الناس الذين لا يفقهون من الفنِ شيئاً- ويسخرون من فعلةِ الفنانِ ويضحكون. يا الله، كنْ معنا، دعْهُ يسكبُ الزيتَ فوقَنا لنرتاحَ… لكن لا أحدَ يسمعُ صوتَنا.. نحن المُعذَّبينِ في اللوحةِ.