رشيدة محداد
تسكعت أصابعي على صفحات الفيس، فتوقفت عيني مشدوهة إلى رواية من تأليفك..كم كنت تجيدين ترتيب الحياة! وكم كنت أتوق أن أحيا بروايتك بطلة..أعتلي كل الحروف لأطل على الشارع الخلفي المهمل، وقد أصلحت أناملك مصابيحه المكسورة، وأضاءت غرفتي..ومشطت شعري وهذبت هندامي…وأذاقتني من الكعك غير ذاك المحروق الذي ترميني به مساءات أفول الشمس..وخصصت لي اسما يليق برواية نفذت طبعتها الأولى..والثانية…والعاشرة…….. نسيت قلمك أمام ردهتي وأنت صديقتي، لم تدخليني إلا وأنت كاتبة مجردة الترتيب.. لا تجيدين غير ترتيب أبطال روايات خيالك ولم أكن يوما فصلا من الفصول التي تجيدين ركن أسرتك وخزاناتك ومدادك عليها..واقع كان كعبه عاليا لا تجيدين ارتداءه .. كيف غير حبرك اسم الهدهد إلى اسم صقر ينهش إسمي حتى تآكل الورق.. وعلمتني كيف أستعمل قداحة النار..أضرمها بغرفتي الوحيدة.. أحببتك بكل الروايات..وعلمتني كيف يكون الكره..بروايتي..رواية شردتها الرياح..ولم تضئها أشعة شمس ! ولا حتى تلك المصابيح ..بالشارع الخلفي.. كانت مهملة..لم يكن لها غلافا..ولا نوافذ..ولا حتى ستائر ! أحببت مذاق الشاي برواياتك تلك..وكان مذاقها مرا بدون سكر بروايتي…حتى أنك لم تجيدي وضع الفنجان بوضعية سليمة على طاولة الضيافة..وسكبته ساخنا على قدمي.. غردت القسوة طويلا قبل أن تختاري عنوانا مناسبا لروايتي المهملة، وقبل ان تعثري بين بقايا الحبر، على حبر أسود قاتم، تكتبينني به، وأنا أقدم لك باقة ورود من صنع يدي..تعلمت تصفيفها..واختيار ألوانها..وتناسق أسمائها..فقط لأشذب حديقة الأنغام بغرفتك… فكيف نصبت ذاك الكرسي بقلب الرواية، وأهديتني حبلا من مسد….وأشرت لي بالمغادرة ! اليوم كنت سأوقد شموع ذكرى تعارفنا الأول، يوم تسكعت أصابعي تشرب خمرة معتقة من صفحتك في آخر رواية موقعة باسمك…الكاتبة …….! عفوا.. لن أذكر اسمك.. فما كان بيني وبينه فطيرة قمح بيد أم تهدهد ابنها البالغ من العمر ربيعا ونصف بعد الميلاد..