بغداد – سمير خليل:
من الضرورات التي يحتاجها الصائم خلال شهر رمضان الكريم هي الطعام، بل أن هذا الطعام أصبح جزءا مهما من اليوم الرمضاني، ولأن الصائم يحتاج الى الطاقة والى طعام صحي ومفيد ينعش معدته بعد الصيام لساعات طويلة فإن هذا الصائم يختار بدقة ما يأكله خلال شهر رمضان من خضار وفواكه وسوائل وحلويات.
ومن المعتاد والمعروف أيضا أن شهر رمضان يتميز بتداول وتناول أنواع محددة من الحلويات مثلا، والذي تتصدرها وبامتياز البقلاوة ثم الزلابية وتتقاطر بعدها الحلويات الأخرى من حيث الأهمية.
وعلى مدى سنوات وعقود طويلة ظلت هذه الحلويات تتسيد المشهد الغذائي الرمضاني، ولكن هل تراجع اهتمام الصائمين بالبقلاوة والزلابية؟ هل حلت أنواع أخرى من الحلويات محلها أو لحقت بها؟ عن هذا السؤال يجيبنا أحد الشباب العاملين في محل معروف لبيع الحلويات في بغداد ويقول:
مازالت البقلاوة والزلابية في المقدمة ولكن لحقت بها زنود الست والطاطلي، ولكن يبقى الطلب الأكثر على البقلاوة ثم الزلابية، وبالتأكيد فإن انتاجنا يتزايد خلال شهر رمضان بسبب تزايد الطلب، رغم أن الايام العادية تشهد إقبالا ملموسا عليها، نحن نعمل بهذه المهنة منذ تسعينيات القرن الماضي، والبقلاوة والزلابية في محلنا عراقية الصنع تماما، وفي تطور لصناعة البقلاوة هناك نوع خال من السكر” دايت” حيث نستغني عن السكر العادي بسكر الفواكه وهو سكر خاص يختلف عن المحليات الصناعية”.
وعن متوسط أسعار الكيلو الواحد لهذه الحلويات أجاب: على حد علمي إن أرخص سعر هو ” 15″ ألف دينار للكيلو الواحد وهذا ما يعمل به محلنا، أما السعر الاعلى للكيلو في بغداد فيتراوح بين “45” الى ” 50″ ألف دينار”.
وتعرف البقلاوة بأنها معجنات محلاة، موادها هي الطحين والفستق الحلبي أو الجوز، والدهن الحر، والسكر والشيرة (ماء السكر) بإضافة الهيل وتَتكون من طَبَقات رقيقة من العجين وتُحشى بالمكسرات كالجوز والفستق الحلبي، وتُحلى بسكب الشيرة (ماء السكر) أو العسل عليها وترتب في صوان خاصة بها.
تاريخيا ما زال هناك خلاف بين اليونانيين والأتراك على أصل البقلاوة، فكل بلد ينسبها لنفسه، إلا أن بعض المصادر أكدت أن أصل البقلاوة في شكلها البدائي، أو قيل أنها حلوى شبيهة بالبقلاوة تعود إلى القرن الثاني قبل الميلاد لبلاد الرافدين والآشوريين الذين صنعوها من رقائق العجين الرقيق الهش المحشو بالفواكه المجففة، أو المكسرات المغطاة بالعسل، وأخذها عنهم الأتراك، وبمرور الوقت، ومع انتقالها من بلد إلى آخر تغيرت بعض مكوناتها حسب عادات وتقاليد كل منطقة، فالأرمنيون أضافوا لها القرفة، في حين أضاف إليها العرب ماء الورد، واليونانيون العسل لتحليتها.
هنا في العراق أكثر الاعتقاد أن البقلاوة تركية الأصل واسمها بالتركية Baklava وهو اسم أول من صنعتها وهي بقلاوة زوجة سلطان تركي، وكانت طباخة ممتازة تجيد أصول الطهي، وحينما طلب منها زوجها السلطان أن تصنع له صنفًا جديدًا من الحلوى أتت بالجلاش وهي ” رقائق عجين توضع فيها حشوة”، ووضعت بين طبقاته الحشو بأنواعه وأضافت المسلي، وأنضجته في الفرن، ووضعت عليه العسل، وعندما قدمته له أقرأنه لم يتذوق مثله، وإكراما لزوجته الماهرة أطلق على هذا النوع من الحلوى أسمها وانتشرت بعد ذلك في العديد من البلدان العربية.
وهناك رواية أخرى تشير إلى أن البقلاوة تعود لطباخة اسمها لاوة وكانت طباخة السلطان العثماني عبد الحميد، وهي من ابتدعت هذه الحلوى فأعجبت السلطان وقال (باق لاوة نه ايدي) وتعني انظر ماذا صنعت لاوة، وتذكر المصادر التاريخية أن البقلاوة كانت تصنع في مطابخ الامبراطورية العثمانية بقصر توبكابي بإسطنبول، كما كان يقدمها السلطان في صينية كشكلها المعتاد حالياً إلى الإنكشاريين في كل منتصف من شهر رمضان بمراسم، تسمى موكب البقلاوة.
تشتهر البقلاوة في الدول العربية والآسيوية، في العراق وبلاد الشام والمغرب العربي وتركيا وإيران وجنوب القارة الآسيوية والقوقاز ودول البلقان.
أما الزلابيا فتختلف الروايات على أصل تسميتها فمنهم من يقول إنها من تسمية زرياب الذي ابتكرها عندما سافر إلى الأندلس، ومنهم من يقول أن أحد التجار أمر طباخه بطهي الحلوى فلم يكن في المطبخ إلا الزيت والسكر والدقيق، فوضعها في المقلاة وعندما رأى الزلابية غريبة الشكل قال: زلة بيَ أي أخطأت في إعدادها طالبا عفو سيده، وتبقى هذه الروايات الأكثر شيوعاً، اما مكونات الزلابية فهي: الخميرة والطحين والنشاء وبياض البيض والزيت الذي يمنحها بريقا خاصا.
الحلويات في رمضان.. البقلاوة في المقدمة تليها الزلابية وأنواع أخرى تحاول اللحاق بها
التعليقات مغلقة