بغداد – سمير خليل:
ضمن موسمها الثقافي، أقامت مؤسسة بابل العالمية للثقافات والفنون جلسة نقدية بعنوان ” السينما العراقية..نجاحاتها واخفاقاتها” استضافت فيها المبدعين، المخرج السينمائي العراقي المغترب جمال أمين ومدير التصوير السينمائي عمار جمال، وأدار الجلسة الدكتور عباس فاضل.
بداية الجلسة تحدث مديرها الدكتور عباس فاضل عن السينما فقال:
السينما ذلك الكائن العجيب، المخلوق من الظل والضوء ومن الوعي والفكر والمعرفة. وهو طريقة نقل الرسائل العميقة الى قلوب الناس في كل أنحاء العالم، وهو وسيلة التواصل العابرة والتي تتخطى اللغة وتتخطى الثقافات، وفي نفس الوقت هي المعبّر الحقيقي عن واقع المجتمعات التي تنشأ فيها، ذلك الكائن إذا جاز لنا أن نقول عنه كائنا، فهو كائن معرفي جمالي، لكن هذا الكائن المعرفي الجمالي لا يخرج للوجود الا بعد صعوبات جمة. في السينما هناك مجموعة من العقول تشتغل عليها، ولو شبهناها بمنظومة ميكانيكية من التروس، ولو حصل خلل في أحد هذه التروس لشكل مشكلة، ولإنهارت هذه المنظومة. والفيلم السينمائي حتى يخرج للوجود يحتاج الى تمويل وميزانيات كبيرة جدا، فليس من السهولة أن ننتج فيلما ويكون عالميا وناجحا إذا لم يكن هناك إنفاق عليه حتى يحصل على هذه الصفة”.
الفنان المخرج جمال أمين تحدث عن واقع السينما العراقية اليوم فقال:
ليس لدينا سينما عراقية، هناك أفلام عراقية، السينما العراقية ذات مواصفات وأمور أخرى لا توجد لدينا، ربما توجد في كل دول العالم ومنها دول الجوار. السينما لدينا في آخر سلم الثقافة العراقية، نحن بلد غير سينمائي، يمكن أن نكون بلد شعر وقصة أو رواية أو تشكيل، التشكيل العراقي مثلا فن عظيم في الشرق الأوسط والعالم، لكن السينما وانتاج الأفلام العراقية ضعيف جدا ومهمل جدا. الفترة الذهبية التي استطعنا فيها أن نصنع مجموعة من الأفلام العراقية وكانت موجهة في فترة السبعينيات وتلاها جيل الثمانينيات، أما التسعينيات وهي فترة الحصار، فلم نصنع سوى فيلمين، أفلام السبعينيات والثمانينيات كانت موجهة لتمجيد تاريخ الحزب والقائد في تلك الفترة، حتى الروايات التي تم اختيارها كانت تعالج قضية الحزب الحاكم”.
وأضاف: خلال فترات الحكومات العراقية المتعاقبة، تم انتاج فيلمين بميزانيات ضخمة هما ” القادسية” للمخرج المصري صلاح أبو سيف و” المسألة الكبرى” للمخرج محمد شكري جميل، وللأسف الشديد لم يحقق الفيلمان شيئا، لأنهما كانا فاشلين انتاجيا، بمعنى أنهما لم يحققا عائدا ماليا يساوي ما أنفق عليهما. الفيلم الاول لمخرج كبير هو صلاح أبو سيف لكن الفيلم لم يدخل حتى في السيفي الخاص لهذا المخرج، كذلك فيلم المسألة الكبرى تم اشراك الممثل العالمي اوليفر ريد لكنه لم يضف شيئا عكس ما قدمه في فيلم عمر المختار. أجيب على سؤالك فأقول، بأن الدراما أفضل من السينما، الشعر الشعبي، الغناء والموسيقى”.
أما مدير التصوير الفنان عمار جمال، فشبه صناعة السينما بركضة البريد، وأضاف: يعني جيل يسلم لجيل آخر، حدثت لدينا قطيعة منذ فترة التسعينيات من القرن الماضي، قطيعة لغاية العام 2003، في عقد السبعينيات تم إلغاء جميع شركات الانتاج السينمائي وحصر الانتاج بيد دائرة السينما والمسرح، فانحصر الانتاج بيد الدولة، هذه القطيعة ولدت لدينا أناسا تركوا السينما ولجأوا الى التلفزيون، هناك من توفاه الأجل، وهناك من أمتهن مهنا أخرى لغرض تأمين لقمة القيش، فتولدت لدينا هذه الفجوة التي لا تستطيع كلية الفنون الجميلة تعويضها. يعني تعوضنا بمخرج أو كاتب سيناريو أو فني إضاءة، فني صوت أو ماكيير، في التصوير، السينما عبارة عن علوم بين الكيمياء والفيزياء والرياضيات، فأنت إذا لم تمتلك جزءا من هذه العلوم أو تكون على دراية في هذا المحتوى فلن تستطيع إدارة تصوير فيلم”.
وتابع: في صناعة الفيلم عندما يدخل عنصر التلفزيون الى الصناعة السينمائية فسيحدث خلل في هذه الصناعة، وهناك موضوع آخر هو أن استسهال التقنية، وسوء استخدامها واستسهال العلوم السينمائية، فبالتأكيد سنشاهد صورة رديئة”.
ورغم قلة الحضور، فقد كانت الجلسة جميلة ومهمة وقيّمة، استرسل فيها الضيفان عن واقع السينما العراقية ومشاكلها، وطرحا حلولا ومقترحات، وقد ساهمت المداخلات في إغناء موضوع الجلسة، حيث شارك الكاتب والباحث والناقد السينمائي المعروف مهدي عباس والمخرج السينمائي فلاح كامل العزاوي بمداخلات قيمّة.
السينما العراقية .. نجاحاتها واخفاقاتها في ضيافة مؤسسة بابل العالمية للثقافات والفنون
التعليقات مغلقة