بصمة الرئيس

علي عبد العال

يضع الرؤساء الكبار بصاماتهم على صفحات تاريخ شعوبهم وبلدانهم بفضل إنجازاتهم الاجتماعية والسياسية والعلمية والوطنية، والبطولية الواضحة. تردتْ هذه المفاهيم الواقعية الحقيقية على مر التاريخ بحيث نرى الكثير من الرؤساء الذين يحكمون بلدانهم، بل ويتحكمون بمناطق كثيرة من العالم من دون أي خبرات ولا أمجاد شخصية أو عسكرية او علمية.

يضع الرؤساء في العالم العربي بشكل عام والإسلامي بشكل خاص بصمته الشخصية على جبينهم بدل وضعها على أكتافهم في سجل التاريخ، وهي تتلخص بالخدعة أكثر منها بالواقع. الحروب الوطنية الشريفة هي التي تصنع الأمجاد وليس التظاهر المزيّف بالتقوى وارتداء زي الدين. كان الزعيم الوطني العراقي الشجاع عبد الكريم قاسم يقيم الصلاة لوحده بحجرة خاصة في مبنى وزارة الدفاع. لم يكن يطلع على صلاتة حتى أقرب مرافقيه. ولم يعرف الشعب العراقي هل يصلي الزعيم كما السنّة أو كما الشيعة. كان يصلي للرب فقط، وقُتل وهو صائم من قبل عصابات حزب البعث العميلة التي باعت الوطن للأجنبي بالمجان. ولم يكن الزعيم المصري التاريخي جمال عبد الناصر يضع على جبينه “طمغة” المؤمنين المزيفية. كان رجلا وطنيا بارعا بالمفهوم العسكري والسياسي والوطني الحق. لكنه لم يتظاهر بـ “وصمة المؤمنين” على الجبين كما فعل خلفه العسكري الهش والمتخاذل محمد أنور السادات. عقبه بالحكم محمد حسني مبارك الذي كان أذكى من سلفيه. فلم يضع الطمغة على الجبين ولم يحارب إسرائيل. عقبه رئيس بـ “طمغة أصلية” لم تنفعه كثيرا أمام وعي الشعب المصري، هو الرئيس المخلوع محمد مرسي.

يأتي اليوم لحكم مصر العظيمة رجلٌ له ظلال طمغة على الجبين ولا نستطيع التكهن بما سوف يفعله لمصر كرئيس جديد منتخب. الأفضل والأكثر واقعية في هذه التغييرات العاصفة بالمنطقة العربية من حملات انتخابية وترشيحات رئاسية تقف النسخة السورية على قدمين ثابتتين في جميع الأحوال. فليس من المجدي أن يضع الرئيس السوري المنتخب طمغة على الجبين وإنما يضع وسام جندي محارب على الصدر. في الصراع السوري الأخير فاز الرئيس عن طريق كسبه معركة كبيرة ضروس ضد الإرهاب الدولي والإقليمي والداخلي الغاشم. في العراق يفوز المالكي لأسباب متقاربة بحربه المعلنة ضد عناصر الإرهاب ذاته. تتلاقى المحصلات والنتائج لتصب في الروافد المقاومة ذاتها لتفتيت الدول وصناعة العصابات في الدول الغربية وفي مقدمتها الولايات المتحدة الأميريكية وحلفائها من الرجعيات العربية لإنتاج الرعب العالمي أكثر من انتاجها للسلم في هذه المناطق من العالم الثالث البائس الملئ بالدمار والحروب وعدم الاستقرار.

مقالات ذات صلة

التعليقات مغلقة