لو تعرفين صفاءَ الحزنِ في كبدي
كَدَّرْتِهِ فرحًا يا عمة الجودِ
ترْعين مثلي بوادٍ كله قلق
وتنبتين حديدًا مثْل ملحودِ
وأنتِ أكثرُ أخشابٍ بها خجلٌ
فكيف بُحْتِ بهذا الدمع في عُودِي
لو كنتِ ثمرًا على أغصانِ يانعةٍ
أو كنتِ زهرًا على سيقانِ أملودِ
لكنه القفرُ يرمي كل ناحية
حتى كأنكِ أم الرملِ والبيدِ
ماذا تَشَكَّلَ إلا الهم لا شجرٌ
يشاكل الهم في شكل التجاعيد
شَدَّ المواتُ نفوسًا بعد أنفسهم
ولا يزال وقد بتنا بتسهيدِ
دَعِ الدماءَ تجوبُ الأرضَ زائرة
وقد عرفتَ كُناها بالأماجيدِ
يُخَلِّد اللحدُ ذكرى من يزاوره
وغيره مُهْمَلٌ من مجد تخليدِ
مُدَّتْ سماءُ بطولاتٍ لطهرهما
لولاهما ما تدلت كالعناقيدِ
وقلت سيانِ مَنْ في مثل زيهما
كزرقةِ الماءِ لولا خضرة العودِ
وقلت في تلة السلطان زاهِرهُ
ولا الرمالُ سوى وهمِ الصياخيدِ
هل كنتَ تعرف لون الغصنِ زيَّنَهُ
حمارُ قتلاكَ يجري في الأماليدِ
جرى كمثل رثائي لا أهذبه
والقوم ما بين مجروح وملحودِ
هل أنتِ كالأم مهما الطفل أزعجها
تهذبُ الصوتَ في محمود ترديدِ
إن الجنازات ترجو قول شاعرها
فخَبريها بأني غير مفقودِ
ورددي خلفها أبيات تعزيةٍ
جاء العزاءُ مريحًا كل مفئودِ
القدس أوضح من أقمار سهرتنا
ولا الغوامق ترميني على السودِ
رئاتها كغلافٍ راج منتهبًا
كأس التلاوين لا أكواب بارودِ
هل يكذب الحبُّ حتى لا أقابلها
وبدرُ حبكِ في بهوٍ وتصعيدِ
لو أذَّنَ المسجدُ الأقصى بناحية
راسلته ببريد ناصع الجيدِ
وقد فَرَرْتُ له يومًا بسابغةٍ
نسيجها زردٌ من مقلة العيدِ!
وأصْدَقُ الوعدِ وعد المرءِ ينجزه
مثل التصاميم في كف المواعيد
ولوَّن العزمَ في قلبي وحيدُ حمىً
يُعَرِّف الموت في باب الأناشيد
والْعَزْمُ مولودُ بالٍ راح يسكنني
وقد دُهِشْتُ بآلاف المواليدِ
ذاك الملثم من بالي ومن خلدي
ولدته وأتاني كالمناجيد
لولا الملثم لم تترك مُدى ألمي
أحشاء مسعاي أو أمعاء مقصودي