خطباء المنبر الحسيني بين الأمس واليوم

  • 1 –
    المشاهير من خطباء المنبر الحسيني كانوا في منتهى الاتقان لقواعد اللغة العربية وعلى معرفة تامة بالتاريخ وفنون الأدب .
    واذا كنا لم ندرك كبارهم فقد أدركنا الشيخ محمد علي اليعقوبي ، والشيخ كاظم آل نوح، والشيخ احمد الوائلي، والشهيد السيد جواد شبر والشيخ جواد القسّام وغيرهم ، وكانوا فرساناً للفصاحة والبلاغة والإلمام بملف الطف وسائر الملفات المتعلقة بائمة الهدى مِنْ اهل البيت (عليهم السلام ) وقد نُقل عن السيد محسن الامين – وهو من كبار المجتهدين وصاحب موسوعة اعيان الشيعة المعروفة –
    انه حضر مجلس احد رجالات بعلبك ،
    فصعد المنبر احد الخطباء الحسينيين فقرأ مجلساً طويلاً إبتدأهُ بخطبة لامير المؤمنين (ع) تناسب المقام ،
    وكان في المجلس أحد أدباء المسيحيين فقال لجلسائه متعجبا :
    ” اني لم أعجب مِنْ بلاغة هذا الكلام الذي هو غاية في البلاغة ولا مِنْ جِرْي القارئ في قراءته كالسيل ،
    ولا مِنْ مضامين هذا الكلام الفائقة ،
    وإنْ كان ذلك كله موضع عَجَب ، وانما عجبتُ من عدم لحن هذا القارئ فيما قرأه على طُوله “
  • 2 –
    وقبل أيام استمعت الى خطيب حسيني طُلب منه أنْ ينشد شيئا من الشعر في مديح اهل البيت (ع) فأخرج هاتفه النقال ونظر اليه وقرأ بضع أبيات ولكنه قرأها بعد أنْ كشف عن جهل تام بقواعد اللغة العربية، في مؤشر واضح الدلالة على أنّ بعض المتصدين للخطابة الحسينية اليوم انما هم طفيليون لم يَعِدوا أنفسهم للخطابة كما تقتضيه الأصول التي تعارف عليها اسلافهم ، مِنَ الدراسة على يد بعض كبار الخطباء، والانتهال من ينابيع معرفتهم وخبرتهم ،والافادة من توجيهاتهم ونصائحهم للنهوض بمسؤولية الخطابة المنبرية التي هي من أعظم المسؤوليات دينيا واجتماعيا وثقافيا وأخلاقيا وتربوياً .
    وهكذا اختلط الحابل بالنابل، واختُرقت الخطوط الحمراء في ميدان الخطابة كما اخترقت في سائر الميادين الاخرى
  • 3 –
    لقد لخصنا نظرتنا للخطابة ببيْتين من الشعر هما :
    يمتزج العلم بسحر الأدبْ
    ويقطرُ الفنُّ اذا ما خَطَبْ
    وينتشي القلبُ ويهوى بأنْ
    يُكتب ما قيل بماء الذَهبْ
    فلا خير في خطابة خالية من المعطيات العلمية .
    ولابُدَّ لهذه المعطيات ان تطرح في إطار عابق بالأدب ، ولابُدَّ ان يبرز الفن في ايصال المراد الى المتلقي دون ان يشعر بالسأم والملل .

حسين الصدر

مقالات ذات صلة

التعليقات مغلقة