حسن العاني
لعل أكثر تعريفات الثقافة تطابقاً مع الواقع ، انها (موقف او سلوك) يعبر عن (الوعي الإيجابي) ، سواء على مستوى الفرد ام المجتمع ، وليست ( الشهادة او القراءة او الكتابة) سوى عوامل تعزز الوعي وتنهض بمستواه ، وبناء على ذلك حين نقول إن (الشعب) الفلاني مثقف فإنما (نقصد) جملة اعتبارات في اطار الموقف والسلوك منها حجم تعامله الحضاري مع مفردات الحياة ، ومدى احترامه للقوانين وميله الى السلم والسلام ، مع الاتصاف بأعلى قدر من المكونات الإنسانية والأخلاقية ، ولا ( نقصد) بذلك انه شعب متابع (للسينما والمسرح والاصدارات الجديدة …الخ) ، آخذين بعين الاعتبار ان مثل هذه المتابعة كما سبقت الإشارة تمثل ارتقاء بالوعي ..وما يصح على المجتمع يصح كذلك على الفرد ..يحدثنا تاريخ البشرية الطويل ، إن آلاف الزعماء والقادة كانوا يمتلكون مايكفي من ( وسائل الثقافة ومعززات الوعي ) ، وبعضهم ادباء او فنانون او مبدعون او أصحاب شهادات رفيعة ، ولكنهم لم يكونوا (مثقفين) ، بمعنى انهم افتقدوا ( الوعي الإيجابي) المعبر عن ( موقف او سلوك) ، ومن هنا اصبحوا عناوين للتهور واثارة الفتن ، وكانوا وراء الدمار الذي أصاب العالم ، ووراء الحروب الغبية اللامشروعة التي دفعت شعوب الأرض ثمنها الباهظ ، ليس ابتداء من ملايين الضحايا الابرياء ، وليس انتهاء بالفقر والجوع والتشرد والمدن المهدمة ، وبخلاف ذلك هناك الاف الناس الاعتياديين في المدن والقرى والارياف ممن يفتقرون الى الشهادة ، وقد لايحسنون القراءة والكتابة ، ولكن سلوكهم الأخلاقي ومواقفهم الإنسانية في فض النزاعات بين المتخاصمين مثلاً ، او تثبيت دعائم الامن والمحبة في مجتمعاتهم،أو .. أو.. يدل ويدلل على ثقافتهم الرصينة ووعيهم العالي الذي هو نتاج بصيرة وتجارب حياتية وخبرات متراكمة