تأثيرات المنشطات على الرياضيين

د . جبار رحيمة الكعبي

الجزء الأول:  يرجع مصطلح   Doping   المنشطات إلى لغة  قبائل جنوب شرق القارة الأفريقية منذ زمن بعيد , حيث المصطلح هو كلمة دوب التي تعني في ذلك الوقت نوعاً من أقوى أنواع الكحوليات التي استخدمت من قبل أفراد هذه القبائل في احتفالاتهم الدينية الشهيرة بهدف مقاومة التعب خلال الرقصات الدينية التي كانت تستغرق وقتاً طويلا ,  وفي عام 1889 ظهرت كلمة دوب لأول مرة في المعجم الانجليزي , حيث تم تعريفها بأنها عبارة عن خلط  بعض المواد المخدرة. وبعد مرور عدة سنوات على هذا التاريخ تم تعميم هذا الاصطلاح على جميع المواد المنبهة, والتي تم استخدامها تدريجيا في أول الأمر مع الجياد والكلاب ثم بعد ذلك مع الإنسان.

ولكن محاولات الإنسان باستخدام العقاقير الطبية كنوع من أنواع المنشطات ترجع إلى زمن بعيد منها .

أشار الفلاسفة في اليونان القديمة  أنة خلال الألعاب الأولمبية القديمة أن الرياضيين قد تعاطوا بعض النباتات, كذلك بأكل خصيتي الثور بهدف رفع مستوى الكفاءة البدنية ولزيادة التأثير الايجابي على المستوى الرياضي والبدني ، وتشير المصادر القديمة إلى أن الرياضيين في جنوب ووسط القارة الأمريكية استخدموا مجموعة من العقاقير المختلفة لنفس الهدف.   

والتاريخ الاسباني القديم يشير إلى إن قبائل الأنكا القديمة, كان أفرادها يمضغون أوراق الكوكا , فهي تساعدهم على قطع مسافات طويلة جداً تصل إلى مئات الكيلو مترات خلال عدة أيام.

كما تشير المراجع في المكسيك, أنة تم استخدام مادة الاستركنين بهدف التأثير على المستوى البدني والرياضي ،واستخدام جذور الصبار الأمريكي, الذي يحتوي على عدد من المواد المخدرة لنفس الهدف, مما أهل الرياضيين في هذه الفترة للقدرة على الجري المستمر لمدة تصل الى 24 ساعة, والجري المتقطع لمدة تصل إلى 72 ساعة, وبالتالي وصلت المسافات التي كان يقطعها الرياضيون من المكسيك خلال تلك الفترة الى 260 وحتى 560 كيلو متراً.

ويشر تاريخ استخدام العقاقير الطبية إلى انه تم تسجيل أول حالة لتعاطي المنشطات في المجال الرياضي ترجع إلى عام 1865 م , حيث ثبت استخدام احد السباحين لأنواع مختلفة من العقاقير خلال سباق للسباحة بمدينة أمستردام, وتعد هذه الحالة الأولى التي تم اكتشافها بهدف الفوز غير المشروع . أما عن المؤشرات التي نبهت العالم إلى خطورة المنشطات وتأثيرها الضار على المتعاطين هي بوفاة الرياضي الشهير سمبسون في سباق للدراجات حول مدينة باريس, وذلك تحت تأثير كمية كبيرة من منشط ثلاثي الميثيل ثم تكررت حالات الوفاة على مر السنين (البلجيكي سيرج ريدنج والسوري سامي درويش وغيرهما).

في الفترة الحرب العالمية الثانية انتشر استخدام العقاقير المنشطة وتعددت أنواعها, ولم يقتصر هذا الاستخدام على المجال الرياضي, وإنما تعدى هذا الحدود ليستخدم في المجال العسكري, فقد ثبت استخدام الطيارين الألمان لأنواع متعددة من تلك العقاقير بهدف التنبيه والتنشيط أثناء عمليات الهجوم الليلي, كما ثبت استخدام جنود المشاة الألمان أيضا لعدة أنواع من العقاقير لنفس الهدف وأيضا بهدف الحصول على التحمل ومقاومة التعب , خصوصاً وان واجباتهم قد تضمنت المشي لمسافات طويلة , حاملين معهم معدات الحرب الثقيلة , كما ثبت ايضا استخدام الجيش الانجليزي للامفيتامين لنفس الهدف.. يتبع.

* الخبير الفني للأتحاد القطري لألعاب القوى

مقالات ذات صلة

التعليقات مغلقة