متابعة ـ الصباح الجديد :
اندلعت صباح امس الثلاثاء مواجهات بين القوى الأمنية ومتظاهرين تجمعوا في شوارع مؤدية إلى مقر البرلمان في وسط بيروت احتجاجاً على جلسة نيابية من المفترض عقدها لمناقشة البيان الوزاري للحكومة تمهيداً لمنحها الثقة.
ويحاول المتظاهرون عرقلة وصول النواب إلى مقر المجلس النيابي منعاً لانعقاده إنطلاقاً من رفضهم منح الثقة للحكومة برئاسة حسان دياب. وهم يرون أن هذه الحكومة لا تحقق مطالب رفعوها منذ أشهر بتشكيل حكومة من اختصاصيين ومستقلين تماماً عن الأحزاب السياسية التقليدية.
وفرضت القوى الأمنية والجيش طوقاً أمنياً في محيط مقر البرلمان، وتم إغلاق طرق عدة بالحواجز الاسمنتية الضخمة لمنع المتظاهرين من الوصول إلى مبنى المجلس النيابي.
ومنذ الصباح، تجمع المتظاهرون عند شوارع عدة مؤدية إلى مجلس النواب، واندلعت في أحد الطرق مواجهات بينهم وبين القوى الأمنية التي رشقوها بالحجارة، فيما ردت باستخدام خراطيم المياه والغاز المسيل للدموع، وفق مصور لوكالة فرانس برس.
وفي شارع آخر، جلس متظاهرون على الأرض لقطع طريق من الممكن أن يسلكها النواب، إلا أن عناصر الجيش حاولوا منعهم، ما أدى إلى حصول تدافع بين الطرفين. وقال متظاهرون لوسائل اعلام محلية إنهم تعرضوا للضرب على يد عناصر الجيش.
وقال الجيش في تغريدة إن «أعمال الشغب والتعدي على الأملاك العامة والخاصة تشوه المطالب ولا تحققها ولا تندرج في خانة التعبير عن الرأي».
وفي وسط بيروت، قالت كارول مفضلة عدم ذكر اسمها الكامل، لوكالة فرانس برس «أنا هنا لأقول ،لا ثقة، بهذه الحكومة، لأنه الطريقة التي تشكلت بها لا تجعلنا نثق بها»، مضيفة «لا يمكن للبلد أن يكمل بذات الطريقة».
وبرغم انتشار المتظاهرين في محيط المجلس، نجح عدد من النواب من الوصول إلى مقر البرلمان. ووصل عدد منهم باكراً حتى قبل بدء التظاهرات، واستخدم أحدهم دراجة نارية للعبور، وفق وسائل اعلام محلية أشارت أيضاً إلى أن نواباً أمضوا ليلتهم داخل مكاتبهم.
وأثناء محاولة أحد الوزراء الوصول إلى المنطقة، وقف متظاهرون أمام السيارة ورشقوها بالبيض، وصرخ أحدهم «استقل! استقل!». إلا أن القوى الأمنية أبعدت المتظاهرين بالقوى، وفتحت الأسلاك الشائكة أمام السيارة لدخولها.
«الشعب لن يمنح الثقة»
قال كريستوفر (26 عاماً) «نحن هنا لنقول إنه حتى لو منح النواب الثقة للحكومة، فإن الشعب لن يمنحها إياها»، مضيفاً «النواب لا يمثلون الشعب وقد فقدوا شرعيتهم».
وأضاف أنه برغم أن الوزراء الجدد من الاختصاصيين «إلا أنه كان يجب أن يكونوا مستقلين عن الاحزاب التي خربت البلد وبالطبع لن تعيد إصلاحه».
ورفع المتظاهرون لافتات كُتب عليها «لا ثقة» و»أكيد لدينا ثقة، إنو رح تساعدوا المصارف على ضهر الناس» في إشارة إلى إجراءات مشددة تفرضها المصارف منذ أشهر على العمليات النقدية وسحب المودعين لأموالهم.
وشهد لبنان منذ 17 تشرين الأول تظاهرات غير مسبوقة ضد الطبقة السياسية التي يتهمها اللبنانيون بالفشل في إدارة الأزمات السياسية والاقتصادية المتلاحقة، تراجعت وتيرتها بعد تشكيل دياب لحكومته.
وعقد المجلس النيابي امس الثلاثاء واليوم الأربعاء، وأعلنت أحزاب عدة، أبرزها تيار المستقبل بزعامة رئيس الحكومة السابق سعد الحريري، نيتها عدم منح الثقة للحكومة.
وشكل دياب الحكومة الشهر الماضي من عشرين وزيراً غير معروفين بغالبيتهم ومن الأكاديميين وأصحاب الاختصاصات. وقد تمّ اختيارهم بغرض تجنب أسماء قد يعتبرها المتظاهرون استفزازية.
إلا أن متظاهرين، يحتجون منذ أشهر ضد الطبقة السياسية كاملة، يرون أن الحكومة الجديدة ليست سوى واجهة لفريق سياسي واحد، من حزب الله وحلفائه، والوزراء الجدد لا يمثلون سوى الأحزاب التي سمتهم.
وتواجه الحكومة الجديدة تحدّيات كبيرة خصوصاً على الصعيدين الاقتصادي والمالي في ظل تدهور اقتصادي متسارع وأزمة سيولة وتراكم الدين العام إلى نحو تسعين مليار دولار، أي ما يعادل أكثر من 150 في المئة من إجمالي الناتج المحلي.
وأقرّت الحكومة اللبنانية بالإجماع في السادس من الشهر الحالي بيانها الوزاري الذي يتضمن عناوين خطة عملها في الفترة المقبلة وأحالته إلى البرلمان لنيل ثقته.
وتأمل الحكومة بعد نيلها الثقة ومباشرة عملها أن تحظى بدعم المجتمع الدولي الذي يربط تقديمه دعماً مالياً للبنان باصلاحات هيكلية في قطاعات عدة وخفض العجز العام.