داعش ووديعة أردوغان

انتهت أزمة الرهائن الاتراك الـ 49 بعد مرور أكثر من مئة يوم على اختطافهم من مبنى القتصلية التركية بعد سقوط مدينة الموصل بيد قطعان داعش في 12 حزيران من العام الحالي. المعلومات المتسربة عما حصل مع القنصل التركي وموظفيه وبقية الرعايا الأتراك عند ذلك التنظيم المعروف بهمجيته ودمويته في التعاطي مع مثل هذه المواقف، ليست شحيحة وحسب بل تثير للوهلة الاولى؛ الدهشة والعجب، خاصة مع حاجة ذلك التنظيم لوجود مثل هذه الوديعة لعضو حلف الناتو المجاور للحدود التي استباحها التنظيم من أراضي العراق وسوريا. ووفقاً للرواية الرسمية التركية، فان عملية اطلاق سراحهم قد جرت تحت اشراف دائرة العمليات الخارجية في جهاز المخابرات التركية، ولم تضطر الادارة التركية لدفع أية فدية والخضوع لأي شروط مقابل اطلاق سراحهم ..؟!
الشطر الاول من التصريحات التركية لا شك فيها، حيث يشهد القاصي والداني لدائرة العمليات الخارجية، بالقدرات والنفوذ العابر للحدود الوطنية وخاصة في مجال العلاقة الاخطبوطية وهذه الجماعات والشبكات من (مهاجري وانصار ما بعد الحداثة) ولم يعد سراً مثل هذه الادوار بعد حقبة ما يعرف بـ (الربيع العربي) والاقربون أولى بالمعروف، وهذا ما عرفناه جيداً نحن جيرانهم سكان هذا الوطن المنكوب باعداد واسعة من عراقيي دول الجوار. أما الشطر الثاني من تلك التصريحات، فلا أحد بمقدوره اخذها الا كنوع من المزاح الثقيل، حيث لا تحتاج داعش لمثل هذه الفدية والشروط من اصحاب الفضل الاكبر عليها وموطن الفردوس المفقود (الخلافة).
ان ما جرى مع وديعة اردوغان عند قطعان الخلافة في الموصل، يعد فضيحة من العيار الثقيل، لا للادارة التركية وحسب بل لحلفائها في الغرب وعلى رأسهم عدوة الارهاب الدولي الاولى في هذا العالم، الولايات المتحدة الاميركية والتي تتخبط ادارتها الحالية بمواقف لا تحسد عليها، وصار حالها كناكش الشوكة بالشوكة، تداوي داعش بداعش. عبر الاستعانة بالاجهزة السرية لحلفائها زمن الحرب الباردة وفتوحاتها في افغانستان ومضارب القبائل الباكستانية.. مثل هذه الاحداث يمكن ان ترفد المتابعين للمشهد الراهن في المنطقة الاشد سخونة في هذا العالم؛ الكثير من المعطيات المهمة، لكن مع وسائل اعلام محلية عاجزة ومدجنة (وفقاً للتقارير الدولية تتبوأ تركيا مكانة متقدمة في مجال انتهاك الحريات الاعلامية) ستنضم مثل هذه الاحداث للارشيف الضخم من القضايا المنسية، ليبقى الأمل معلقاً بانتظار مرور مصادفة عابرة تهتك سر مثل هذه الصفقات المتنافرة وابسط بديهيات المواثيق الدولية عن الشرف والسلم والأمن بين الشعوب والقبائل والملل.
جمال جصاني

مقالات ذات صلة

التعليقات مغلقة