القراءة السياسية للأحداث داخلياً وخارجياً تتطلب وعياً وبصيرة خصوصا لمن هو قرر الانخراط في العمل السياسي وهناك فرق بين ان يتحدث مواطن بسيط امام عدسات التلفزة عن شأن محلي او عربي او عالمي وبين سياسي احترف العمل السياسي او انتمى لفصيل او حزب من الاحزاب وتتعاظم المسؤولية حينما يكون هذا السياسي ممثلا رسمياً لحزبه او مكونه او ناطقاً رسمياً باسمه حيث يصبح كلامه دليلا ناطقاً يعكس وجهة نظر الفئة او الجهة التي يمثلها ومن العجب ان ترى مثل هؤلاء يتحدثون باكثر من لسان وينتقلون بين القنوات الفضائية التي تستضيفهم للحديث عن قضية او ملف ما فترى الغرابة في مضامين كلامهم وتصريحاتهم وتقلباً في الاراء واختلاطاً في المفاهيم التي يطرحونها ويحاولون المزايدة على قضايا مصيرية وفيما تنتظر الناس من شخصيات قيادية او زعامات القول الحق او عين الحقيقة ينبري كثير من هؤلاء الى التشويش والمراوغة والتقلب في المواقف فتراه شهراً او سنة مع اليمين وفصلا من الفصول مع اليسار واذا كان يحق لمن يعمل في المضمار السياسي لعب ادوار متعددة في مواقفه تبعاً لمصالح الحزب او الجهة او المدينة او الدولة التي ينتمي اليها ويدافع عنها فان من الضرورة ان يكون التغيير في المواقف مشفوعاً باسباب واضحة ومقنعة لدى الجمهور ومن المهم جداً عدم تغليف حركة السياسي بالخداع والاكاذيب المفضوحة فقليل من الكذب لربما مستساغ في العمل السياسي لدى المتلقي اما المبالغات والانقلابات بمقدار 180 درجة فهي الفضائح بعينها ويحفل المشهد السياسي في العراق بعشرات النماذج من السياسيين المتلونين ممن ارتضوا تقديم انفسهم بالوان متعددة وصور مغايرة لواقعهم وحقيقتهم ويقف المرء متسمرا امام شاشات التلفزة وهو يرى ويستمع لاقاويل غير مسنودة وآراء غير ثابتة تستهدف الشهرة وكسب الاصوات ولفت الانتباه مهما كان الثمن والاخطر من ذلك حين يتمادى هؤلاء المتلونون في الحديث عن قضايا وطنية لاتقبل التأويل ولايمكن الوقوف ازاءها ويقفون في منطقة رمادية لامجال فيها سوى التخندق مع الشعب العراقي والاعلان صراحة عن الحق والباطل في مساراتها فتراهم يناورون امام محاوريهم في القنوات الفضائية وفي تغريداتهم على مواقع التواصل الاجتماعي من دون ان تحصل منهم على رأي ثابت او موقف حاسم ولم يجنِ الشعب العراقي طوال السنوات الماضية من هذه المجموعة السياسية المارقة سوى الفوضى والضوضاء والمساهمة في تعميق الخلافات بين المشاركين في ادارة المؤسسات الرسمية العامة والخاصة وعرقلة الوصول الى حلول واقعية تنهي مظاهر التأزيم في الواقع العراقي .
د. علي شمخي