هناك تقويض فني لعناصر التنظيمات الجهادية المنتشرة في مناطق عديدة من العالم، ومنها العراق. ويتم هذا التقويض عبر ضرب المخابيء والأفراد بأسلحة الطيران أو بنيران الاشتباكات المباشرة في التخوم الملتهبة بين العراق وسوريا. فهل يكفي ذلك لتحقيق الخلاص؟
اليوم تعمل الولايات المتحدة الأميركية على جمع تحالف دولي (10 دول) لمكافحة الإرهاب الذي بات خطره عالميا. وعلى إيقاع جهود هذه المواجهة تم وضع استراتيجية تدمير لشطب الرايات القاتلة من معادلات الحاضر والمستقبل. هذا التحرك يجري حاليا خلال شهر أيلول الجاري الذي يجلب معه ذكرى حدث (11 سبتمبر) إلى طاولة النقاشات. فماذا سيعمل الغرب؟ وماذا سيصنع العرب؟ وكيف سيتخلص العراق من المقبرة التي تزحف بظلامها على جسده طولا وعرضا؟
في عملية (الجيرونيمو) ألقت أميركا، بن لادن في البحر، وقالت: لقد أصبح العالم اليوم أكثر أمنا. لكنّ العاصفة والطواعين مازالتا تغمران منطقة الشرق الأوسط، والعراق يحتل مكان العين منها.
وبالعودة إلى جهود المواجهة، نرى أنه قد وُضِعَت استراتيجية تضمنت قائمة تدمير فنية يبدو أمر تنفيذها سيكون مُناطا بحلف الناتو. ولكن هناك فقرة تحدثت عن ضرورة نزع الشرعية عن أيديولوجية تنظيم الدولة الإسلامية في العراق والشام وما يماثله من جيوب مسلحة تنشط في مناطق متناثرة. في المقابل نجد أن مايدور في رأس القاعدة ويُدير أجيالها المتعاقبة من التنظيمات الحالية هي مجموعة نفايات عقائدية تنضح من أكثر أنواع المُضمرات القصصية ذهانية وفوضوية في تاريخ المنطقة المشترك، إذا ما قيست بالمبررات العصرية التي نعيش راهنا متنها المحتدم.
حاليا تعني الحرب الدولية على الإرهاب مطاردة وتوهين «الأصولية العالمية» في الشرق والغرب معا؛ لكون الانخراط في صفوف الجماعات المسلحة قام بتنويعه أوربيون، وأميركيون، وصينيون وغير ذلك من الجنسيات المتعددة. وهذا يعني أن الاستراتيجية المعدة لابد لها أن تراجع نسيجها وتلقي نظرة إلى الداخل لمراجعة مقولات شائكة تتحدد بالإسلام، وأوروبا، والغرب.
فيما مضى، قال (كارل ماركس) عن الصراع الذي كان مقتصرا على انكلترا وإيرلندا إنّ (وزن الأموات يُلقي بكلّ ثقله على أدمغة الأحياء). وعند نقل الصورة إلى العراق نجد أنّ كل صراعات العالم والمنطقة تلتهب على أرضه وتدكّ هيكله الزمني والمكاني وتقود بوصلته إلى جهة المحو. تُرى، كم يبلغ اليوم وزن الأموات فيه؟ وإلى أي حد وصلت فيه درجة انحناء الأحياء؟
إذن سيكون التحالف الدولي ضد داعش على غرار التحالف الدولي الذي اطاح بنظام صدام بعد غزو الأخير للكويت عام 1990. لكن جورج بوش الأب يعلق في لقاء قريب بمعلومة منزلية: أنا وزوجتي طالما أحببنا الكلاب. لقد اشترينا الكثير منها.
ميثم الحربي