طارق حرب:
عن أعظم شركة أجنبية في بغداد تولت النقل النهري للبغداديين من بغداد الى البصرة والنقل البحري من بغداد الى لندن مروراً بالخليج العربي ومصر والموانئ العربية والموانئ الأوروبية وحتى مدينة لندن في بريطانيا ولمدة خمسين سنة من سنة 1860 وحتى سنة 1920، وما زالت بنايتها في شارع الرشيد التي اشتراها الحفيد الثالث للسيد (لنج) وهو هنري بولص لنج قائمة لحد الآن على الرغم من مرور قرن تقريبا ًعلى انتهاء أعمال الشركة في بغداد بعد أن بدأ الطيران محل السفن كواسطة نقل.
وإذا كان الحفيد الأول روبرت بولص لنج قد فقد واحتمال أنه قتل في أثناء استكشاف نهر الفرات في البعثات البريطانية الأولى فأن الحفيد الثالث أسهم في استكشاف نهر الفرات مع بعثة الإنجليزي (جسني) المستكشف المشهور لكنه تولى استكشاف نهر دجلة لوحده في السنتين 1837- 1839 ومسح النهر من بغداد الى البصرة كذلك فأنه تولى مسح دجلة من بغداد الى سامراء.
هذه الشركة التي تأسست في لندن في 30 تشرين الثاني 1860باسم شركة الفرات ودجله للملاحة التجارية والتي غلب اسم ( لنج) وأحفاده عليها في بغداد منذ العهد العثماني وحتى الان فجميع الشركات الأجنبية ازال ذكرها ولكن عندما تسأل عن شركة ( بيت لنج) يذكر الكثير عنها في تاريخ بغداد والعراق والشركات الأجنبية التي عملت في بغداد.
تلك الشركة التي اشترى ( استيفان هنري بولص لنج) خاناً في شارع الرشيد فهدمه وأنشأ بموضعه بناية كبيرة في هذا الشارع حيث لها اطلالة كبيرة على الشارع قبل افتتاحه في سنة 1916 كانت مقراً للشركة الإنجليزية .
وكان آخر من أدار الشركة المستر (كامبل) الحفيد الاخر للسيد( لنج) الذي تزوج من عراقية هي ابنة السيدة المشهورة مالا والتي ما زالت بعض الاملاك باسمها منها محلة ساره خاتون وشمال معسكر الرشيد وهي السيدة ساره خاتون التي لحقها ناظم باشا والي بغداد الى الهند للزواج منها لكنها رفضت وتولى ولدها انفاق الكثير من اموالها على (الريسز) سباق الخيل الامر الذي ادى بالمستر كامبل صهرها وزوج ابنتها باصطحابها معه الى لندن بعد ان عمل بالشركة المذكورة ،حيث تولى السيد عبد الودود الخضيري ادارة شركة( بيت لنج) وتم انهاء الشركة بعد ذلك وبيعت بنايتها الشهيرة.
ويبدأ اهتمام بريطانيا بالعراق بنحو عام وبغداد والنقل النهري والبحري بشكل خاص الى سنة 1834 حيث حصلت على ( فرمان) سلطاني عثماني يمنحها حق تسيير باخرتين في نهر الفرات وهو أول امتياز لجهة اجنبيه وعلى اثر ذلك قام الكابتن (جسني) بمهمة مسح نهر الفرات والتعرف على مدى صلاحيته للملاحة وبعد ذلك قام مساعد (جسني) وهو (هنري بولص لنج) على مسح نهر دجلة وحيث ان العثمانيين حاولوا استثمار النقل النهري فلقد قامت الشركات الاحنبية متمثلة بشركة (لنج) بالاستئثار به حيث استثمرت شركة (لنج) الفرمان السابق وقامت بتسيير باخرتين بين بغداد والبصرة هما (سيتي أوف لندن) ودجله، حيث يتم نقل البريد والمسافرين والبضائع وبعد ذلك أنشأت الشركة خطاً منتظماً بين لندن وبغداد .
وتولت الشركة تسيير باخرة أخرى باسم خليفة التي استبدلتها بالباخرة دجلة في العقد الاخير من القرن التاسع عشر، أما بالنسبة للجانب العثماني ومحاولته منافسة شركة ( لنج) فلقد تم انشاء ادارة عمان( بحر) عثماني قبل عهد مدحت باشا لتقوم بإدارة شؤون الباخرتين الحكوميتين العاملتين بين بغداد والبصرة ، وعندما وصل مدحت باشا عين لها مديراً كفواً أسس حوضاً لإصلاح السفن وعمل على زيادة البواخر.
وكانت الرحلات الى البصرة واستنبول ولندن وبعد فترة تم بيع هذه الإدارة الى دائرة السنية أي الى الدائرة التي تم انشاؤها لإدارة اموال السلطان عبد الحميد في العراق سنة 1904 ، ووصل عدد البواخر العثمانية الى أكثر من عددها وبعد خلع السلطان عبد الحميد سنة 1909 ،ومصادرة امواله تم استحداث الإدارة النهرية العثمانية وللسلبيات الكثيرة أقدمت نظارة (وزارة) النافعة على عقد اتفاق مع شركة ( لنج) بدمج الإدارة النهرية بالشركة البريطانية هذه مقابل مبلغ 250 ألف ليرة دفعته شركة لنج للحكومة العثمانية ، حيث اصبحت البواخر والنقل النهري والبحري بيد هذه الشركة .وعلى الرغم من تظاهرات اهل بغداد وعرائضهم الى اسطنبول لا بل حتى لم يكن لطلب النواب البغداديين في مجلس المبعوثان العثماني أي مجلس النواب العثماني أثر في ثني الحكومة العثمانية عن البيع لشركة لنج ولكن ظروف الحرب العالمية الاولى ووضع العثمانيين اليد على مكاتب الشركة في بغداد ترتب عليه الضرر لكن الامر عاد بعد دخول الإنجليز الى بغداد سنة 1917 حيث غادر آخر مدير لها (ديفيد لنج) سنة 1920 وجعل الخضيري بدله وتبقى ( لنج) في ذاكرة البغداديين .
أعظم شركة أجنبية في بغداد (بيت اللنج) تحتكر النقل النهري والبحري
التعليقات مغلقة