متابعة ــ الصباح الجديد :
بدأ العد التنازلي لانطلاق السباق الرئاسي الأمريكي الستين، حيث يتوجه الناخبون إلى صناديق الاقتراع اليوم الثلاثاء لاختيار الرئيس الأمريكي ونائبه للسنوات الأربع المقبلة، علما بأن العديد من الأمريكيين كانوا قد أدلوا بأصواتهم في وقت سابق عبر التصويت المبكر، ومن خلال التصويت بالبريد الالكتروني.
وقد اكتسبت هذه الانتخابات بعدا جديدا وازدادت سخونتها وخلطت أوراقها بعد انسحاب الرئيس الأمريكي جو بايدن قبل أربعة أشهر من انطلاق السباق نحو البيت الأبيض لصالح نائبته كمالا هاريس، التي تخوض الآن السباق الرئاسي ضد المرشح الجمهوري دونالد ترامب، الساعي لإعادة انتخابه لولاية ثانية غير متتالية، بعد خسارته أمام بايدن في الانتخابات الرئاسية عام 2020.
وكان دخول كمالا هاريس حلبة السباق قد قلب الحسابات، وأعاد ترتيب الفرضيات والتوقعات خاصة من جانب منافسها ترامب، فالسيدة هاريس تبلغ من العمر 59 عاما، وهي أصغر من بايدن بأكثر من عقدين من الزمان، وأصغر من ترامب بـ19 عاما، وبعدما كان التقدم في سن بايدن سلاحا بيد ترامب، بات المرشح الجمهوري البالغ من العمر 78 عاما يعاني من الوضع نفسه.
كما أدى دخول هاريس السباق الرئاسي لتوليد طاقة جديدة في حملة الحزب الديمقراطي التي كانت تعاني من الضعف، وتغير شعار حملة الحزب أيضا من حماية الديمقراطية إلى المحافظة على الحرية، وانتعشت آمال مناصري هذا الحزب، وارتفعت قيمة التبرعات التي جمعها لتمويل حملته الانتخابية، فضلا عن ارتفاع أعداد الأمريكيين الذين تطوعوا للمشاركة في هذه الحملة. أما بالنسبة للناخبين، فإن ترامب مرشح يعرفونه جيدا، لكنهم يتعرفون للتو على المرشحة الديمقراطية كامالا هاريس، وقد حاول الملياردير الجمهوري مهاجمة هاريس دون أن يتمكن من إضعافها سياسيا.
وكانت المناظرات التلفزيونية بين المرشحين للرئاسة قد أشعلت فتيل التغيير هناك، ففي يونيو الماضي، كانت المناظرة بين الرئيس الحالي جو بايدن والمرشح دونالد ترامب كارثية بالنسبة لبايدن، فأنهت حملته الانتخابية. أما في سبتمبر الماضي، فقد أوشكت المناظرة بين كمالا هاريس ودونالد ترامب على أن تكون كارثية بالنسبة لترامب، لكنها لم تنهِ حملته الانتخابية، فقد واجه ترامب وهاريس بعضهما البعض على قناة /إيه بي سي/ نيوز، وتبادلا الهجمات الشخصية، وتشاجرا حول رؤيتهما لأمريكا، لكن هاريس أجبرت ترامب على اتخاذ موقف دفاعي من خلال إثارة المشاكل القانونية التي يواجهها وقد أظهرت المناظرة أن كمالا هاريس منافس مؤهل للوصول إلى البيت الأبيض، وعقب المناظرة أظهرت معظم استطلاعات الرأي أن غالبية المشاركين يعتقدون أن هاريس فازت في المناظرة، ولكن ليس بما يكفي للتأثير بشكل كبير على السباق الرئاسي.
كما يظهر أحدث استطلاعات الرأي حظوظا متقاربة للمرشحين المتنافسين، ويشير إلى تقدم هاريس على ترامب بفارق نقطتين أو 3 نقاط مئوية على المستوى الوطني، لكن هذا التقدم وحده لا يعكس الصورة الحقيقية للمشهد الانتخابي، لأن النظام الانتخابي الأمريكي يقوم على مبدأ “الفائز يأخذ كل شيء”، بمعنى أن المرشح الذي يفوز بولاية من الولايات يحصد كل أصواتها في المجمع الانتخابي، وصولا إلى الحصيلة التي تمنحه الفوز بالرئاسة حتى لو لم يحصل على الغالبية في التصويت الشعبي، وتمتلك كل ولاية عددا معينا من أصوات المجمع الانتخابي يعتمد جزئيا على عدد سكانها، ويبلغ إجمالي هذه الأصوات 538 صوتا، وبالتالي فإن الفائز هو المرشح الذي يفوز بـ 270 صوتا أو أكثر، والذي سيتولى رئاسة البلاد لفترة أربع سنوات في البيت الأبيض ابتداء من 20 يناير 2025.
ووعد ترامب بإنهاء التضخم وجعل أمريكا في متناول الجميع مرة أخرى، كما وعد بتقديم أسعار فائدة أقل، وهو أمر لا يسيطر عليه الرئيس، ويقترح ترامب عددا من التخفيضات الضريبية بقيمة تريليونات الدولارات، بما في ذلك تمديد التخفيضات التي أقرها عام 2017، والتي ساعدت الأثرياء في الغالب، ويقول إنه سيدفع ثمنها من خلال زيادة النمو وفرض الرسوم الجمركية على الواردات.
وتعهد ترامب بإغلاق الحدود الأمريكية من خلال استكمال بناء الجدار الحدودي مع المكسيك، ووعد بتنفيذ أكبر عملية ترحيل جماعي للمهاجرين غير المسجلين في بلاده.
وتدافع كمالا هاريس بشدة عن ما تسميه “حق إسرائيل في الدفاع عن نفسها”، وتؤيد الإبقاء على المساعدات العسكرية الأمريكية، لكنها تعهدت بعدم “الصمت” أمام معاناة الفلسطينيين، وقد كانت لفترة طويلة مدافعة عن حل الدولتين بين الإسرائيليين والفلسطينيين، وتؤيد هاريس وقف إطلاق النار في قطاع غزة وفي لبنان، وتعلق الرهان على الحل الدبلوماسي.