بغداد ـ وداد ابراهيم :
تبقى الحياة الأسرية عالمًا واسعًا يحتوي على المحبة والتفاهم والتعاون، إضافةً إلى الاختلاف والأنانية وحب الأنا ونكران الذات والتضحية والتعالي والبحث عن المال والخيانة والكذب. كل هذه الجوانب تمر خلال رحلة الحياة الزوجية. وليس من المنصف أن يكون لكل محطة في هذه الرحلة ناصح أو مرشد ينتمي إلى عشاق التدوين وبث النصائح عبر فيديوهات مصحوبة بموسيقى أو مقاطع تحرض على تمرد الرجل على بيته، أو العكس. أصبحت وسائل التواصل الاجتماعي ساحة كبيرة لحل المشاكل العائلية والاجتماعية، وحتى التربوية.
تقول هدى علي، خريجة قسم الاجتماع بكلية الآداب: “هناك حملة كبيرة في وسائل التواصل الاجتماعي تحرض على التمرد بين الزوجين، حيث تطالب المرأة بمزيد من المصروفات وتحرض الرجل على أن المرأة التي تتردد على مراكز التجميل لا تصلح أن تكون ربة بيت. كما شاهدت مقاطع تحرض المرأة على عدم الإفصاح عن أي حقيقة أمام زوجها أو والدته. هذه النصائح تشكل عاملاً مهمًا في إحداث شرخ كبير في الحياة الزوجية. ولا أعرف لماذا يتبرع البعض بإسداء النصائح للمتزوجين ونحن نعيش في مرحلة خطرة، حيث نشهد ازدياد حالات الطلاق بين المتزوجين الجدد. نجد أيضًا مواقع تنشر مقاطع لنساء يقدمن نصائح غير مناسبة عن كيفية التعامل مع الزوج وسرقة المال منه إذا لم يعطها. هؤلاء النساء ينقلن تجاربهن الفاشلة، ولو تحققنا من حقيقة هؤلاء لوجدناهم يعانون من الفراغ. لذا، فإن أول الأخطاء التي تواجهها الأسرة هو عرض مشاكلها على الجميع والبحث عن حلول مؤقتة. أحيانًا يكون الحل من الآخرين سببًا في زيادة العوائق أمام عودة الحياة الزوجية إلى طبيعتها الآمنة”.
من جانبها، تقول سارة جمال: “بصراحة، أتعجب من بعض المواقع أو الصفحات على شبكات التواصل الاجتماعي التي تُعنى بالفتاة المخطوبة وتعليمها كيفية التعامل مع خطيبها والسيطرة عليه. تقدم صاحبة الصفحة هذه التوصيات، دون معرفة شكلها أو اسمها الحقيقي، وقد تكون رجلاً أو امرأة. أعتقد أن الفتاة يجب أن تأخذ النصح من تجارب ناجحة لعائلتها أو والدتها. هناك تحريض أيضًا على عدم الزواج، باعتبار أن الخيانة أصبحت مسألة طبيعية بين الطرفين”.
وقد شهد العراق في السنوات الأخيرة ارتفاعًا ملحوظًا في حالات الطلاق، ما يعكس تحولاً اجتماعيًا يستدعي الانتباه والتحليل. وفقًا لإحصائيات مجلس القضاء الأعلى لعام 2024، تم تسجيل أكثر من 70,000 حالة طلاق خلال عام واحد، مما يعكس الضغوط الاجتماعية والاقتصادية المتزايدة التي يعاني منها المجتمع العراقي.
ويُعد التدهور الاقتصادي أحد أبرز العوامل المؤدية إلى الطلاق. مع ارتفاع معدلات البطالة وتراجع الفرص الاقتصادية، تزداد الخلافات الزوجية المتعلقة بالقدرة على توفير المتطلبات الأساسية للحياة. كما شهد العراق تحولات اجتماعية كبيرة، بما في ذلك تغير الأدوار التقليدية للمرأة. مع تزايد نسبة النساء العاملات واستقلالهن المادي، تتغير العلاقات الأسرية، مما يؤدي أحيانًا إلى خلافات زوجية تنتهي بالطلاق. كما أن الزواج المبكر لا يزال ظاهرة شائعة في بعض مناطق العراق، وهو أحد العوامل التي تسهم في ارتفاع نسب الطلاق. الأزواج الشباب يواجهون صعوبة في التعامل مع الضغوط الأسرية والاجتماعية، مما يؤدي إلى انهيار العلاقات الزوجية.