الشد والجذب في سوق النفط مؤقتان والاسعار المنخفضة ستعاود الصعود قريبا

على الرغم من تباطؤ الاقتصادي العالمي على الطلب

متابعة ـ الصباح الجديد:

تراجعت أسعار النفط الخام أمس مع اتساع المخاوف من التباطؤ والركود الاقتصادي بعد رفع الفائدة العالمية بينما يحد الانخفاضات الحادة شح الإمدادات النفطية فيما لا تزال توقعات الطلب غير مؤكدة.
ويواصل المستثمرون تقييم حجم الأثر الناجم من التباطؤ الاقتصادي على الطلب العالمي حيث ساعدت حالة عدم اليقين بشأن الإمدادات وتفاقم النقص بفعل العقوبات المفروضة على الطاقة الروسية على استمرار تقلبات أسعار الخام.
وقال محللون نفطيون إن واردات الصين من النفط الخام ارتفعت في تموز الماضي من أدنى مستوى لها في أربعة أعوام مع تحسن نشاط السفر والنقل بعد تخفيف قيود جائحة كورونا وهو ما يعزز توقعات الطلب الصيني الذي لا يزال أقل 4 في المائة تقريبا عن مستوياته الطبيعية.
وذكر المحللون أن مستكشفي النفط الصخري غير مستعدين أيضا للاستثمار بما يتجاوز خطط الحفر الحالية بسبب “الكفاءات المتدهورة” وسط تضخم التكلفة، مشيرين إلى تأكيد شركة “أوكسيدنتال بتروليوم” أن الصناعة تعرضت لضغوط هائلة على مدار عامين بسبب الجائحة كما تم تحميلها ظلما المسؤولية الكاملة عن تغير المناخ وتدمير البيئة ثم تغيرت المواقف بدعوة الشركات الآن لزيادة الإنتاج لتهدئة وتيرة صعود الأسعار في ظل ارتفاع تكلفة الطاقة.
ورغم ذلك لفت المحللون إلى أن حقول النفط الأمريكية تضخ حاليا نحو 12 مليون برميل يوميا بزيادة 8 في المائة عما كانت عليه قبل عام لكنها لا تزال تقل مليون برميل يوميا عن أعلى مستوى لها قبل انتشار الوباء، موضحين أن الشركات الأمريكية الوحيدة التي تخطط لتوسيع الإنتاج بشكل كبير هي الشركات الكبرى مثل شيفرون وإكسون موبيل.
وقال سيفين شيميل مدير شركة “في جي إندستري” الألمانية إن الاتجاه الهبوطي للأسعار ما زال مستمرا ومدفوعا من مخاوف التباطؤ حيث خفض بنك “جولدمان ساكس” توقعاته للأسعار على المدى القريب، مشيرا إلى توقع البنك في السابق 140 دولارا لخام برنت في الربع الثالث لكنه يرى الآن 110 دولارات للربع نفسه، ومع ذلك يرصد استمرار الاتجاه الصعودي بسبب انخفاض المخزونات كما يعد الأسعار لم تصل بعد إلى المستوى الذي يتم فيه تدمير الطلب.
وأوضح أن المكاسب السعرية التي تحققت عقب اندلاع الحرب في أوكرانيا تبددت حيث تقلصت المكاسب منذ يونيو الماضي مع تزايد مخاوف التباطؤ العالمي فيما دفع التضخم المرتفع البنوك المركزية، بما في ذلك الاحتياطي الفيدرالي، إلى رفع أسعار الفائدة، حيث يراهن المستثمرون على أن مزيدا من الزيادات في أسعار الفائدة قد تحدث قبل نهاية العام الجاري.
من جانبه، ذكر روبين نوبل مدير شركة “أوكسيرا” الدولية للاستشارات أن كثيرا من البنوك الاستثمارية على ثقة بأن حالة ارتفاع أسعار النفط الخام لا تزال قوية رغم موجة التراجعات الحالية التي تدعمها الولايات المتحدة بهدف استمرار تراجع أسعار البنزين وتنفذها الإدارة الأمريكية حاليا من خلال الإفراج المتوالي عن الاحتياطيات النفطية الاستراتيجية.
ولفت إلى أن أسعار النفط الخام تراجعت في الأسابيع الأخيرة، بحسب تقدير البنوك الاستثمارية، بسبب تدني السيولة التجارية واتساع المخاوف من الركود الاقتصادي إلى جانب إصدار احتياطي البترول الاستراتيجي في الولايات المتحدة، إضافة إلى عمليات الإغلاق المفاجئة في الصين المتعلقة بمكافحة وباء كورونا.
من ناحيته، أكد ماركوس كروج كبير محللي شركة “أيه كنترول” لأبحاث النفط والغاز أن الضغوط الصعودية ستعود للنفط الخام تباعا خاصة في ظل تقارير دولية تشير إلى بقاء السوق في حالة عجز في الإمدادات النفطية وهو أكبر من التوقعات في الأشهر الأخيرة، مرجحا عودة الاتجاه الصعودي على المدى القريب.
وأضاف أن اتجاه انخفاض المخزونات هو السائد كما أنه في المقابل هناك حذر من كبار المنتجين في الاستعانة بالطاقة الاحتياطية الفائضة، ما يدعم الاتجاه الصعودي للأسعار حيث هناك شح المعروض مع استمرار شركات التنقيب عن النفط الصخري في الولايات المتحدة في إظهار قليل من الدلائل على الاستجابة للأسعار العالمية المرتفعة في ضوء حالة من الحذر من زيادة الإنتاج مع التركيز على تعويض المساهمين إضافة إلى القلق من ارتفاع تكاليف الإنتاج.
بدورها، قالت مواهي كواسي العضو المنتدب لشركة “أجركرافت” الدولية إن عدم رغبة منتجي النفط الصخري في زيادة الإنتاج يعني أن سوق النفط العالمية قد فقدت فعليا أكبر محرك للنمو، حيث يؤكد في المقابل تحالف “أوبك +” أن هناك بالفعل توافرا محدودا للغاية من الطاقة الإنتاجية الفائضة التي من الضروري الحفاظ عليها لمواجهة أي أزمات مستقبلية طارئة.
وأشارت إلى أن كبرى شركات الطاقة الأمريكية تلتزم الحذر في نشر مزيد من الحفارات رغم إغراءات المكاسب السعرية التي دفعت الخام الأمريكي إلى 120 دولارا للبرميل عقب اندلاع الحرب في أوكرانيا لكن الجميع كان على قناعة أن هذا المستوى السعري هو أمر طارئ ولن يستمر طويلا وكان استجابة لحالة الذعر المرتبطة بالفعل بالمخاطر الجيوسياسية وقتها.
وفيما يخص الأسعار، شهد النفط تأرجحا أمس ما بين الارتفاع والهبوط، حيث تنافست المخاوف من تباطؤ الاقتصاد مع أنباء تعليق بعض صادرات النفط عبر خط أنابيب دروجبا الممتد من روسيا إلى أوروبا، ما أحيا المخاوف بشأن نقص المعروض.
وبحسب “رويترز”، قال كريج إيرلام من شركة أواندا للسمسرة “لا نحتاج إلى ذلك في هذه المرحلة، لكن هذا تذكير آخر بمدى الشح في السوق ومدى حساسية السعر لاضطرابات الإمدادات، لا سيما تلك الآتية من روسيا”.
وتتعرض أسعار الخام لضغوط منذ أسابيع مع تصاعد المخاوف أن الركود قد يخفض الطلب على النفط.
وتراجع خام برنت 77 سنتا أو 0.8 في المائة إلى 95.88 دولار للبرميل خلال التعاملات أمس بعد أن هبط في وقت سابق إلى 94.90 دولار. كما ارتفع خام غرب تكساس الوسيط الأمريكي 88 سنتا أو 1 في المائة إلى 89.88 دولار.
يأتي هذا التطور المتعلق بخط أنابيب دروجبا في الوقت الذي كانت فيه مخاوف الإمداد تتراجع وسط قلق متزايد بشأن الركود.
وارتفعت أسعار النفط في وقت سابق من العام بعد أن أدت الحرب الروسية – الأوكرانية إلى زيادة المخاوف المتعلقة بالإمدادات، ما دفع سعر خام برنت لبلوغ 139 دولارا في مارس، أي بالقرب من أعلى مستوى له على الإطلاق.
من جانب آخر، ارتفعت سلة خام “أوبك” وسجل سعرها 100.78 دولار للبرميل يوم الإثنين مقابل 100.01 دولار للبرميل في اليوم السابق. وذكر التقرير اليومي لمنظمة الدول المصدرة للبترول “أوبك” أمس أن سعر السلة التي تضم متوسطات أسعار 13 خاما من إنتاج الدول الأعضاء في المنظمة حقق أول ارتفاع عقب عدة تراجعات على التوالي وأن السلة خسرت ستة دولارات مقارنة باليوم نفسه من الأسبوع الماضي وسجلت فيه 106.8 دولار للبرميل.

مقالات ذات صلة

التعليقات مغلقة