المفاوضات ذهبت إلى مزيد من الانقسامات بين المشاركين
الصباح الجديد ـ وكالات :
واجه مؤتمر الأمم المتحدة للمناخ المنعقد في مدريد خطر الفشل بعدما أدت المفاوضات التي استمرت طوال الليل الى مزيد من الانقسامات بين المشاركين بشأن سبل مواجهة الاحتباس الحراري.
واعترض مندوبو الدول الغنية والدول الناشئة وأفقر دول العالم على مشروع نص نهائي كشفته تشيلي في محاولة فاشلة لإيجاد أرضية مشتركة.
وفي أعقاب عام شهد كوارث مرتبطة بالمناخ مثل العواصف القاتلة والفيضانات وحرائق الغابات إضافة لإضرابات اسبوعية لملايين الشبان، كان على المفاوضات في مدريد أن ترسل إشارة واضحة الى رغبة الحكومات في معالجة الأزمة.
وتهدف قمة «كوب 25» أيضا لوضع اللمسات الأخيرة على قواعد اتفاق باريس للمناخ المبرم في العام 2015 والذي يدخل حيز التنفيذ العام المقبل.
لكن المندوبين اعربوا عن استيائهم مما وصفوه بالخطوات المتخلفة بشأن القضية الرئيسة، اي مدى رغبة كل دولة بالمساعدة في تجنب كارثة التغير المناخي.
وقال كارلوس فولر، كبير المفاوضين في «تحالف الدول الجزرية الصغيرة» التي تتأثر أكثر من سواها بالتقلبات المناخية في الجلسة العامة لصوغ النص النهائي «كل الإشارات إلى العلم باتت أضعف وكل الإشارات إلى تعزيز (الطموح) انتهت… يبدو أننا نفضّل أن ننظر إلى الوراء بدلا من التطلع إلى الأمام».
وحتى بعد المحادثات الماراثونية بين الوزراء، أفاد مراقبون ومندوبون وكالة فرانس برس أنه لا تزال هناك انقسامات كبيرة حيال عدد من القضايا.
وخلال المؤتمر، عادت إلى الواجهة الانقسامات القديمة بين الدول الغنية الملوثة للبيئة والدول النامية بشأن الجهة التي عليها خفض انبعاثات غازات الدفيئة ومقدار ذلك وكيفية دفع المبالغ الطائلة التي تحتاج اليها البشرية للتكيف مع التغير المناخيّ.
وكان يفترض أن يختتم المؤتمر الذي بدأ في الثاني من كانون الأول، مساء الجمعة الماضي.
وقال سيمون ستيل موفد غرينادا لفرانس برس إن الافتقار الى الطموح في الاتفاق المبدئي «يبعث على الجنون».
وأضاف ان نص مشروع الاتفاق «ليس انعكاسا لهؤلاء الاولاد الذين يتظاهرون في الشوارع في جميع انحاء العالم، ولا المجتمعات التي تجرفها المياه بسبب ارتفاع منسوب مياه البحار».
وتابع «نريد ان تبقى البنود الموجودة في اتفاقية باريس، وما نراه ان كل قمة كمناخ تبدو وكأنها فرصة جديدة للتخلص من تلك البنود».
وقال ألدن ماير مدير السياسات في اتحاد العلماء المهتمين والمراقب المخضرم في محادثات الأمم المتحدة «لم أر قط مثل هذا الانفصال بين ما يتطلبه العلم وما تطلبه شعوب العالم مقابل ما تحققه مفاوضات المناخ».
وتابع أن «أحدث نسخة من نص اتفاق باريس الذي قدمته الرئاسة التشيلية غير مقبولة على الإطلاق».
وأعربت الناشطة من أجل المناخ الكسندريا فيلاسونير البالغة 14 عاما عن «إحباطها» بسبب غياب الفعل في مؤتمر مدريد.
وقالت لفرانس برس «الفرق بين الشباب في الشوارع والمفاوضات هو ان الشباب في الشوارع متمسكون بموقفهم».
ومن أجل تحقيق الهدف المثالي لاتفاق باريس الذي يحد الارتفاع في درجات الحرارة ب1,5 درجة فقط، يجب خفض انبعاثات ثاني أوكسيد الكربون بنسبة 7,6 بالمئة سنويا اعتبارا من العام المقبل وحتى 2030، ما يتطلب تحولا غير مسبوق في الاقتصاد العالمي. لكن في المقابل، ما زالت انبعاثات هذه الغازات ترتفع.
وحتى الآن التزمت نحو ثمانين دولة زيادة التزاماتها المناخية في 2020، لكن هذه البلدان لا تمثل سوى نحو عشرة بالمئة من الانبعاثات العالمية.
وقال محمد أدو مدير القمة الشبابية «باور شيفت افريقيا» إنّ «الشيء الوحيد الذي أعطانا الأمل في (اتفاق) باريس هو أن الاتفاق سيجري تعزيزه مع مرور الوقت». وتابع «إذا لم يتحقق ذلك فستفشل (قمة) مدريد».
وتقود عملية تعزيز خطط خفض الكربون الطوعية الدول الجزرية الصغيرة والأقل نموا إلى جانب الاتحاد الأوروبي.
والنبأ السار الوحيد جاء من بروكسل إذ «أقر» قادة الاتحاد الأوروبي خلال قمتهم هدف الحياد المناخي في التكتل بحلول 2050. لكن القرار لا يشمل بولندا التي تعتمد إلى حد كبير على الفحم، بينما لن يعلن الأوروبيون أي زيادة في التزاماتهم ل2030، قبل الصيف المقبل.
وأكّدت الدول العملاقة الناشئة مثل الصين والهند، وهما الدولتان الأولى والرابعة في ترتيب الانبعاثات في العالم، أن لا حاجة لتحسين خططهم الحالية لخفض الانبعاثات والمستمرة حتى العام 2030.
كما تريد بعض الدول، لا سيما البرازيل وأستراليا، في حساب أرصدة الكربون المتراكمة بموجب اتفاق مناخ سابق كجزء من التزاماتها بموجب أهداف باريس، ما أعاق إحراز تقدم.
واتُهمت الولايات المتحدة، التي ستنسحب من اتفاق باريس العام المقبل، بانها تفسد عددا من القضايا الحيوية بالنسبة للدول المعرضة للكوارث المناخية، بما في ذلك ما يسمى تمويل «الخسارة والضرر».
وقال هارجيت سينغ، الناشط المعني بالمناخ في مؤسسة «أكشن إيد» الخيرية إنّ «الولايات المتحدة لم تحضر إلى هنا بحسن نية».
وتابع «إنهم يواصلون عرقلة جهود العالم لمساعدة الأشخاص الذين انقلبت حياتهم رأسا على عقب بسبب تغير المناخ».
وتمسكت عدد من الدول بخطوطها الحمراء في المفاوضات امس الأول السبت، ما زاد من إمكان تعرض المحادثات لخطر الفشل.