معالم جنيف 2
ربما بدأتْ تتضح بعض المعالم الواضحة للمؤتمر الدولي بصدد الأزمة السورية المزمع عقده في غضون الشهر الجاري يناير 2014. تبيّن للجميع أن الأزمة السورية ليست أزمة سياسية سورية داخلية حسب، وإنما هي أزمة إقليمية ودولية بامتياز. يلعب على هذه الطاولة السياسية الخطرة الكثير من الدول والعديد من اللاعبين الدوليين الخطرين. اللاعبون الصغار بدأوا بإعلان سخطهم على «الغش المكشوف» الذي يمارسه بعض اللاعبين الكبار، فضلا عن اللاعبين من الفئة الوسطى كالمملكة العربية السعودية ودول الخليج الأصغر والأقل أهمية على التأثير في القرارات الدولية للعمالقة. في الوقت الذي حافظت الدولة السورية المتواضعة على مواقفها المبدئية التي تجسدت بانتهاج سياسة مقاومة وضاربة حتى الرمق الأخير. وربما أيضا كان البديل المطروح من قبل قوى الغرب ودول الخليج الصغيرة عديمة الأهمية على صعيد السياسة الدولية هو من الضعف والتخلف ما يرتقي عليه المجتمع السوري المتحضر بنسبة كبيرة تتفوق على نسبة الأخوان المسلمين والمجموعات الصغيرة من العملاء المجندة لمخططات خارجية ودول التخلف العربي التي لديها مشكلات غير محلولة شرعيا تتمحور حول شرعية قيادة النساء للسيارات وأصول تحليل الشذوذ الجنسي في المملكة من خلال الزواج من القاصرات على وفق السنة النبوية الشريفة !
تتبلور ملامح جنيف2 تدريجيا بعد التغيير الكبير الحاصل على الساحة السورية الداخلية من هزائم لمشروع التطرف الديني الذي لاقى، على الرغم من جميع الصعوبات على الصعيد الشعبي ودفع فواتير هذه الهجمة الهمجية الباهظة من قبل دماء الشعب السوري ذاته، تتوج هذه الإرادة الصلبة عبر الصمود والخيار الأفضل المتمثل بطروحات الدولة للعمل بالدستور والقوانين المشرعة. وفي الأخير لدى الدولة السورية مؤسسات ثابتة تستطيع حسم خياراتها النهائية وسط هذا الانفلات الأمني الكاسح ضمنها مؤسسة الجيش القوية. ولو كانت الدولة السورية بهذه المؤسسات من الضعف والتهاون لما صمدت بوجه الإرهاب الدولي الهمجي المتطرف طيلة ثلاث سنوات من الحرب والدمار.
جنيف2 سوف تنعكس قراراته على الوضع السياسي في العراق الذي هو الآخر بدأ مشوار الحرب على الإرهاب بشكل جدي ضمن تغطية دولية ما كانت لتحدث لولا ما حدث في سوريا المجاورة منذ ما يقرب من ثلاثة أعوام. يجتمع العالم عبر الأمم المتحدة على محاربة الإرهاب الهمجي المتخلف. هذا ما شجع العراق على اتخاذ تلك الخطوة الجريئة بفضل التطورات الأخيرة في سوريا المجاورة. الإرهاب يتسع بكل سهولة من غير موانع حقيقية ورغبة دولية صادقة للجميع. هزم المجتمع السوري المتحضر
الأصيل فلول الإرهاب وسوف يُهزم لا محالة في العراق المتحضر العريق.. ربما.. بل أكيد؟
علي عبد العال*
التعليقات مغلقة