الهامشي في السرديات النسوية ما بين التعقيب والصورة البانورامية

ريسان الخزعلي

1
أقامت جمعية / الثقافة للجميع / بتاريخ 18 / 2 / 2025 جلسة للشاعرة / ابتهال بليبل / لمناسبة صدور كتابها / البحث الموسوم ( كونشرتو لموجة وحيدة – الهامشي واللامركزي في السرديات النسوية ) .
عرضت الشاعرة بحثها بقراءة معظم ما جاء فيه، وقد أثارت الأسئلة والتعقيبات المنتجة، إذ أن َّ الموضوع يُغري بالإنصات كونه لم يحظ َ بمثل هذه المواجهة في تداولاتنا المعرفية ( تم َّ تجاهل هذا السرد في مراجعات مابعد الحداثة ، التي غالبا ً ما تكون ملتقى وبؤرة لتقاطعات متشابكة تستعمل تقنيات ما بعد الحداثة ذاتها … ) .
ومن بين التعقيبات والمداخلات ، كان لي بعض القول ، بعيدا ً عن قول ِ النقد الذي يقتضي ممكنات أبعد من محاولات الإنصات والتذوّق .
2
قدّمت الشاعرة / الكاتبة الآن ، معالجة ً تنظيريّة فكرية واسعة عن مفهوم الهامش والنسوية ، تنازعها الغموض والوضوح في ثنائية متناوبة : النسوية ومابعد النسوية ، الحداثة وما بعد الحداثة . ولو حضر التّماس التطبيقي الأوسع لكان البحث أكثر توصيلاً وتأصيلاً لهذه المعالجة التي جاءت بالكثيرمن السبق المعرفي الموصوف موسيقيّا ً ب ( كونشرتو لموجة وحيدة ) .
عن كل ِّ ما قالته ُ في بحثها وعن غيره ِ من إبداعاتها ، أجدني في موقف احتفائي لأقول َ صورة ً بانورامية خاطفة عن الشاعرة / الكاتبة .
/ ابتهال بليبل / شاعرة مثقفة ، وكاتبة بالتوصيف ذاته ِ . تُطالعنا دائما ً ، شعراً ونثرا ً ، بما يستوقفنا ، لأننا أمام َ مكاشفات ٍ حسّية ٍ غير مألوفة ، لأن َّ / الأنثى / فيها متعالية ٌ على مدركات ( الرجل ) ونظرته ِ حينما يكتب عن المرأة شعراً أو سردا ً ، وحتى عندما يرسم . ومتعالية ٌ أيضا ً على ( المرأة الأخرى ) في تأويل دلالات اللوحات الفنيّة لكبار الفنانين التشكيليين المعروفين ، وكذلك الأزياء النسائيّة ، فنيّا ً وجماليا ً ، وبطريقة ٍ قد تجهلها / المرأة الأخرى / . وعذراً من التوصيف المرأة الأخرى إن لم يُفهم كما أقصده ُ ، لأنّي أقصد به ِ هنا التباين الثقافي / المعرفي وحدّة الوعي ، لا غير .
عندما يكتب الرجل عن المرأة ، قد يخشى المحظور ، لكنَّ الشاعرة / ابتهال بليبل / عندما تكتب عن المرأة ، لا تخشى محظور المرأة والرجل على السواء . وعدم الخشية هنا لا يعني الافتضاح بالدلالة الاجتماعية ، بل يعني الكشف عن كل ِّ ما هو راكد في أعماق النفس البشرية من تراكمات أملتها ظروف : نفسية ، اجتماعية ، سياسية ، سلوكية ، غريزية . وتظهرها بصفاء ٍ إبداعي ِّ يُغري بالمطاردة ، مطاردة الظلال التي نغمر ُ بها عقولنا وأجسامنا ، خوفا ً من المواجهة والتعارضات الوجودية ، إنّها كالذي يقوم باستخدام الإِبر في المعالجات السريرية ، توخز الجسم وتنعش الروح .
حين يقول الرجل ( جسدها في الحمّام ) يتداعى ما هو إيروتيكي سريعا ً ، ولكن حينما قالتها الشاعرة ابتهال ، أُسقط َ في أيدينا ، وبقينا نتحسس أجسامنا خارج الحمّام ، لأن َّ العري هنا طوّق َ ما هو إيروتيكي بالعري المعرفي الصادم للحسيّة السطحيّة . لقد أوقعتنا الشاعرة في المصيدة ، لكنّها مصيدة ُ الإبداع الفنّي وضروراته ِ – التي تُرينا الوجه َ الآخر.
إذن، كم نحن ُ بحاجة ٍ إلى / ابتهال / ومثيلاتها إبداعيّا ً ..؟ …

مقالات ذات صلة

التعليقات مغلقة