د. علي شمخي
ثبتت الاحداث في العراق الجديد بان موازين القوى والتحكم بمسار العملية السياسية الجارية فيه تشظت واستحالت الى مجموعات ضغط تغيرت عناوينها على مدى اكثر من عشر سنوات وبات المشهد العراقي الداخلي اكثر تعقيداً من السابق ….واذا كان البعض يصر على ان مقاليد التحكم والتأثير ما تزال قوتها ورؤوسها في المحيط الدولي الذي تمثله الولايات المتحدة الاميركية والاقليمي بما يمثله التاثير المباشر للتدخل الايراني والسعودي والتركي في الاحداث المتسارعة في العراق فاننا نعتقد بان الكلمة الفصل في جوهر الاحداث والازمات المختلف عليها داخل هذا المشهد الذي تتصاعد وتغلي احداثه بسرعة فائقة ما تزال الكلمة الفصل فيه بيد المرجعية الدينية العليا في النجف انطلاقاً من وجود اكبر مكون للشعب العراقي يحترم ويقدر مكانة هذه المرجعية ..وبرغم ماقيل عن دور هذه المرجعية واعتقاد البعض بفقدان بريقها والتشكيك بدورها الروحاني الديني والريادي والتاريخي لاكثر من مئة عام فان ماحصل في العراق خلال الاسابيع المنصرمة اثبت بما لايقبل الشك بان نفوذ مرجعية النجف ومكانتها وقيمتها لدى ملايين المسلمين في العراق وخارجه لايهتز ولايتزحزح ..واذا امعنا ملياً بطبيعة الحدث الجلل الذي ألَمَّ بالعراقيين والتهديد الكبير الذي يواجهونه والموقف الشجاع الذي اتخذته المرجعية الدينية واطلاقها لتوجيهاتها التي واكبت هذا الحدث وقدرته على وفق نظرتها بما ساعد العراقيين وقواتهم الامنية والعسكرية لالتقاط انفاسهم مجددا واستعادة المبادرة للتصدي لهذه الهجمة والاستعداد لمقبل الايام والتهيؤ لما هو اخطر اذا تفحصنا ذلك سيتأكد لنا بأن هذه المرجعية كانت حقا صمام امان حيث تتداخل الخنادق وحيث تحتار العقول في معرفة مواقع الثبات وحيثما تكون منابع التدفق بحب الوطن والايمان بوحدته وتماسكه والحفاظ على وجوده …!! وخلاف ذلك لم ترتقِ مقدرات وامكانات الحكومة ومجلس النواب وقوى سياسية واجتماعية اخرى الى مستوى ذلك الحدث الجلل وكان الجميع يحتاج الى قوة روحية يمتد افق تأثيرها على كل ربوع العراق ويشمل كل اطيافه ومرابعه ..!! لقد بعثت توجيهات مرجعية الامام السيستاني في تعاطيها مع احداث العراق خارطة طريق لاقدام واياد اهتزت في منعطفات عديدة وعقول احتارت في اقتفاء جادة الصواب وسط التشويش والظلام الذي احاط بالمشهد العراقي ..واليوم ينتظر العراقيون على أحر من الجمر الكلمة الفصل من مرجعية النجف لمن تلبس بالاصرار والعناد على ابقاء الجمود وعدم دفع عملية انعقاد مجلس النواب وتشكيل حكومة جديدة واختيار رئيس وزراء يحظى بمقبولية وطنية وعربية واقليمة ودولية بما يسهم في خروج العراقيين من هذه المحنة باقل الخسائر ووقف مسلسل الانهيارات الامنية والعسكرية التي تتوالى اخبار حصولها في المدن العراقية العزيزة ..!! ومن دون هذه الكلمة الفصل للامام السيستاني فان حالة الشد والجذب والتنازع ستطيح بكل ماصنعه العراقيون بعد الاطاحة بصدام تماما مثلما قال وزير الخارجية الاميركي كيري خلال زيارته الاخيرة لبغداد بأن العراق يواجه خطراً وجودياً ولابد لقادة العراق ان يدركوا هذا الخطر العظيم ويفعلوا شيئا امامه … ونحن على يقين في النهاية بأن من سيزيل الانسداد عن تدفق الدم في شرايين الجسد العراقي بضعة سطور على ورقة بيضاء بقلم السيد السيستاني !!