عرفوا اخيراً ان الايديولوجيات جافة وثرثارة وان رئة الانسان ليست مقبرة للهواء الملوث وان كل دموع العالم لا تكفي لغسل خطيئة المشعوذين المختنقين بمركبات النقص وظل صاحب النفس العزيزة بمنأى عن جراثيم الايديولوجيا .
ومن حكمة شاعرنا الكوفي ابي الطيب المتنبي نقتبس قوله – رماني الدهر بالارزاء حتى .. فؤادي في غشاء من نبال فصرت اذا اصابتني سهام .. تكسرت النصال على النصال
وقوله – اذا انت اكرمت الكريم ملكته.. وان انت اكرمت اللئيم تمردا
الفيلسوف الالماني فرديرك نيتشه ، الذي يوحي لنا عباس محمود العقاد بانه قد يكون قد اطلع على قصائد المتنبي كان يقول بان الحياة حلوة لانها مؤلمة وذلك لان فلسفته كانت قائمة على احتقار الالم ويدعو للسمو فوق الضعف الانساني ولا تحتفل بالمازوخية .
الثابت ان النفس العزيزة تتألم بسرعة وبعنف لانها حريصة على كرامتها ولا تقبل بالذل والهوان او لانها لم تتعلم ان تزين نفسها بقبيح الاعمال والاقوال وبذلك اكتسبت النفس العزيزة هذه النزعة المثالية التي تكاد تشبه مثالية الاطفال ، اما النفس اللئيمة الخبيثة فهي مجبولة على الشر والعدوان فلا تتألم بنفس القدر الذي تتألم به النفس العزيزة واية ذلك لان اللئيم صفيق الوجه في طبعه ومزاجه يعاني من علة بغيضة في تكوينه النفسي والعقلي فلا حرمة عنده لاعراض الناس ، سليط اللسان ، ينهش في الناس من دون ان تكون له رقابة اخلاقية تمنعه من ممارسة هذا السلوك القبيح ، وهو بهذا السلوك يلجأ الى اصطناع سياج يحيط به نفسه ويكون دائما في حالة الدفاع عن النفس وبذلك فانه يمارس ما يسمى في علم النفس الفرويدي بحالة الاسقاط اي ان يسقط صفاته القبيحة على الاخرين فيحقق لنفسه راحة وحماية .والعجيب في الامر ان النفس العزيزة بكل ما اوتيت من اسباب العلم والمعرفة تعاني من هذا الضعف ورهافة الاحساس ، فتجدها تتأثر بعنف من كلمة نابية قبيحة يتقول بها سفيه من السفهاء ومن سقاط الناس واراذلهم ومرد ذلك لان النفس العزيزة لا تتعامل مع الشر والعدوان وبذلك لا تصطنع لنفسها حصانة ، انها تتعامل مع العالم ببراءة الاطفال وسذاجتهم وتلك هي افة النفس العظيمة وذلك هو الم النفس العزيزة .وصفوة القول ان النفس العزيزة تعمل بالمنطق برغم طغيان الوجدان عليها اما النفس اللئيمة فانها قد عقدت حلفاً مع الشيطان .
صادق باخان