رمـوز الابــداع تخــلق حولها شهرة عريضة ، وهي شهرة ليست اختيارية ، ومعلوم ان الرموز تتوزع على فروع الابداع جميعها من دون استثناء … طب ، علم ، تمثيل ، سياسة ، رسم ، رياضة ، اعلام ….الخ وهنا تجدر الملاحظة التالية : ان المناطق السكنية كلما كانت اكثر (شعبية) تسببت في نوع من الحرج للمبدع ، وهو حرج لاينسب الى الاساءة بقدر مايتآتى عن حسن نية خالصة ، حيث يود مواطنو هذه المناطق التعبير عن اعجابهم وحبهم للرمز الذي يسكن محلتهم ، اما الحرج الذي يحدثونه فيكمن في وسائل التعبير التي تفتقر الى ضعف الثقافة وتدني الوعي..
الامــر الاكيد ان هذه المناطق تولي اهتمامات متباينة للرموز ، فقد لاتلتفت كثيراً الى معظمهم ، ولكنها شديدة التعلق ببطل رياضي ، خاصة في كرة القدم ، او بممثل مشهور ، ولهذا فأن ( الرياضي والممثل ) هما موضع الملاحقة الشعبية التي لاتدانيها ملاحقة اخرى ، ولابد ان الشاشة الصغيرة اسهمت في ذلك التعلق بالمبدعين الى حد المضايقة او الاذى احياناً .. وفي هذا المجال اذكر ماحدثني به صديقي الراحل ، الممثل عز الدين طابو ، وما حدثني به كذلك صديقي الممثل المتألق عبد الستار البصري عن مواقف محرجة تعرضا لها في مناطق سكناهم ابتداء ، ثم في الشارع والسوق والمقهى والسيارة …. ولكن الغالب الاعم منها كانت تعبيراً عن حب او اعجاب يفتقر الى اللياقة في الحد الادنى !!
تحضرني هنا رواية ظريفة نقلها لـي استـاذي وصديقـي الفنـان الراحـل يوسـف العانـي ، فقـد الـح عليـه احـد رجالات محلتـه السكنيـة للمشاركـة فـي احدى التمثيليـات لكـي تظهـر صورتـه ( فـي التلفزيـون) ..فكان لـه مـا اراد وأشركـه يوسف – بالاتفاق مـع المخــرج – في احـد الاعمـال بصفـة (كومبـارس) يجلـس في المقهـى مـع زبائـن آخريــن ، وحيــن يدخـل العانـي المقهـى ويلقــي (السلام) علـى الحضـور، يكـون دوره الــرد بعبارة ( وعليكـم السـلام) وينتهـي كـل شيء .. غيـر ان الامـر جـرى علـى نحـو آخـر ، فحيـن دخـل الفنـان يوسـف والقـى التحية ورد الحضور عليها الا ابن المحلـة فقـد وقـف علـى قدميـه وقـال [ وعليكـم السـلام أهـلاً و سهـلاً أستــاذ يوسف .. هـاي انـت ويـن .. والله صـار زمـان ماشايفـك ابـو يعقـوب ..يعني خو …] ووسط دهشة الجميع ، وعلى وجه السرعة تولى المخرج ايقاف التصوير ، وقبل ان يطرد (الضيف الكومبارس) قام يوسف العاني بطرده!!
حسن العاني