خبيرة إعادة وتأهيل الأطفال ذوي الإعاقة
حاورها – هلال كوتا :
نتفق جميعنا أن الفرد، اللبنة الأولى للمجتمع واصلاحها يعني اصلاح المجتمع، فكيف اذا كان أساس المجتمع مهدد بالإلغاء والشطب! فالطفولة أساس المجتمع وقد مرت الطفولة في وطننا العربي والعراق تحديداً بصورة خاصة بإنتكاسات كبيرة من حروب وتهجير وعوامل كثيرة أثرت سلباً على واقعها. وهذا ما سوف يحدد لنا معالم مجتمع غير متناسق وغير منسجم أو مجتمع مُعاق على حد وصف خبيرة إعادة وتأهيل الاطفال ذوي الإعاقة في المعهد العالي للعلوم التطبيقية «غوثن بيرغ « في السويد الاستاذة ميسيم فيصل، والتي كان لنا معها هذا الحوراء من مكان اقامتها في ستوكهولم .
- شاهدت الكثير من الفيديوهات عبر صفحتك في الانستغرام وقناة اليوتيوب ووجدتك تقدمين نصائح بالمجان .. عكس ما يفعله الآخرون ؟
- «هدفي من وسائل التواصل الاجتماعي مساعدة الطفولة ونشر الوعي عن تلك الاعاقات وذوي الاحتياجات الخاصة وكذلك مساعدة العائلات والاشخاص الذين يحتاجون الى مساعدة وعالجت وساعدت بتطوير عدة حالات وايضا أقمت عدة ورش مجانية لذوي الاختصاص وكل ما قدمته بالمجان خدمة للمجتمع والانسانية وكل منشور او فيديو بمجهود شخصي، فأنا ممن يؤمنون بقضية ان لكل شخص منا رسالة في هذه الحياة، وأن الخبرات والحرف والمهن التي نمتلكها أمانة يجب إيصالها واستعمالها بالشكل الصحيح وبما تخدم للإنسانية.
وتابعت: «لدي عتب اذ ان هناك الكثير من الصفحات تقوم بنشر معلومات مغلوطة وغير علمية أو معلومات تسرقها وتنشرها من دون تحديد المصدر واحيانا تُذيل بما هو خارج محتوى الفيديو، فهم ليسوا من ذوي الاختصاص ولم يقوموا بنقل المعلومة بشكل عملي اوحقيقي، فهم لا يستطيعون إيصال الفكرة او المعلومة بشكل صحيح ومبسط وفي الاغلب واحيانا ينشرون معلومات الهدف منها مكسب مادية او تفاعلي لصفحاتهم لا أكثر. - من خلال العديد من الجلسات التفاعلية التي قمت بها في منصات السوشل ميديا .. برأيك ماذا ينقص المختصين في الوطن العربي في هذا المجال؟
- «حسب متابعتي للمراكز والمتخصصين والمستوى التعليمي والتربوي والبرامج المستعملة في العراق والتي اطلعت عليها عبر المختصين الذين قمت بتدريبهم ضمن ورش عمل، وجدت انها متأخرة عقدين من الزمن مقارنة بما هو معمول به في دول العالم الاخرى، من حيث تطوير طرق التواصل وتعليم ذوي الاحتياجات الخاصة ودمجهم بالمجتمع. اما بالنسبة للدول العربية الاخرى لاحظت تطوراً ملحوظاً في استعمال وسائل تعليمية وتربوية على أعلى مستوى مقارنةً مع الطرق المستعملة بالعراق برغم قلة احتياجهم لها مقارنة بظرف البلد.
- ما هي أهم الصعوبات التي تؤخر عملية إعادة تأهيل الأطفال؟
- «بالدرجة الأولى يأتي إهمال الأهل وعدم وجود تواصل وعمل مشترك بينهم والمختصين. بعدها يأتي سبب تعاطي المفاهيم الخاطئة عن الاعاقات والأمراض النفسية وكذلك استعمال أساليب خاطئة بالتعامل من الحالة. فضلا عن عدم دراسة كل حالة بشكل خاص ووضع خطة مناسبة وكذلك عدم دراسة الظروف المحيطة بكل طفل وربطها بوضع الطفل الحالي. ربما هذه اهم العوائق التي تقف في طريقنا كمختصين في مجال إعادة وتأهيل الأطفال».
- ما حجم الخطر الذي تسببه التكنولوجيا والاجهزة الحديثة على الاطفال بصورة عامة وعلى ذوي الإعاقة ؟
«-بصورة عامة يجب على الأسرة متابعة أطفالها ومعرفة البرامج التي يستعملها الاطفال. ان الخطر يكمن بترك الاطفال من دون رقيب ولساعات طويلة ما قد يسبب الادمان على الألعاب مشكلات واعراض جانبية للنظر وآلآم الرقبة والصداع وغيرها. لكن الاستعمال الصحيح للتكنولوجيا الحديثة يسهم بشكل كبير بتطور وتعليم الاطفال وذوي الاحتياجات الخاصة ومساعدتنا كمختصين. على سبيل المثال هنا في اوروبا نستعمل تطبيقات وبرامج خاصة لتطوير مهارات التواصل والتعلم لذوي الاحتياجات الخاصة والاطفال وتجد الاسرة لديها ثقافة احتواء الحالة المرضية من خلال برامج التوعية التي ندعو لها. - ما أهمية مراكز التأهيل وما السبل الكفيلة لتطويرها؟
- ا «ٕن مراكز التأهيل مهمتها تطوير وتعليم وتأهيل الاشخاص حتى يصبحون قادرين على العيش والاندماج بالمجتمع بشكل افضل. ومن أهم سبل تطويرها أنه لابد من إعداد فريق متخصص من ذوي الكفاءات العالية، وكذلك إنشاء نظام او شبكة تربط المصابين وذويهم والمتخصصين والاطباء بشكل مباشر حتى يتم متابعة الحالات بشكل دقيق وايجاد السبل الكفيلة لمساعدة المصابين. كذلك لابد من متابعة ومواكبة آخر التطورات العلمية والتربوية والتعليمية العالمية . فضلا عن انشاء دورات تدريبية وورش عمل تخصصية لتطوير مهارات العملين في هذا المجال والمدربين «.
- بعيدا عن الطفل المُعاق .. ما السبل الكفيلة لإعادة الطفولة المفقودة بسبب الحروب والصرعات والعوز والحرمان التي يتعرض لها الطفل السليم من مشاكل؟
- «نحتاج لتوعية المجتمع وسن قوانين تحمي الأطفال من التعنيف والتحرش وعلاج الصدمات والامراض النفسية التي تركتها الحروب والتهجير والفقر، من خلال انشاء مراكز لإعادة تأهيل الاطفال أكثر مما موجودة عليه الآن، فبحسب هرم ماسلو للاحتياجات الانسانية، يجب ان تبدأ إعادة التأهيل من الاحتياجات الفيسلوجية، يعني تبدأ من الطعام و الشراب والنوم الاحتياجات التي تبقي الإنسان على قيد الحياة، ومن ثم تأتي بعدها الاحتياجات الأمنية من سكن آمن، ومجتمع آمن خال من الامراض وكذلك عمل ثابت للاهل كي يستطيعوا تلبية الاحتياجات الضرورية. بعدها الاحتياجات الاجتماعية وهي التواصل الاجتماعي تكوين الصداقات الحب والعلاقة الاجتماعية والانتماء والحياة الاسرية الآمنة، وعوامل اخرى من اهمها يأتي تقدير الذات والثقة بالنفس والاحترام واخرها تطوير الذات والابداع والمهارات. ونظراً لما مرت وتمر به الطفولة في العراق من ازمات أقل ما نصفها بالوضع السيئ ومستقبل المجتمع اشبه بالمُاق، إن لم تتوفر كل تلك المقومات التي ذكرتها أعلاه» .
- المعروف ان للبرامج التعليمية والاعلام دور مهم في نشر التوعية وكذلك مساعدة المختصين بهذا المجال .. فهل لمستي هذا الدور في عالمنا العربي؟
- «للاسف دور الأعلام العربي والعراقي جدا ضعيف بل يوجه احياناً رسائل سلبية تصل الى الدعوة الى الجهل بهذا الجانب. فهناك بعض البرامج تحث على التنمر تحت خانة الكوميديا والذي من شأنه تأخر عملية التشافي، ومنها على سبيل المثال المسلسل الرمضاني (حامض حلو) وشخصية عبو التي ينعتونها بالغباء، بينما شخصية عبو لها اعراض مشابهة ومطابقة لأغلب حالات طيف التوحد، فالحالة عبارة عن أن الدماغ يترجم الكلام بشكل لفظي بسبب ضعف central koherens اي لايستطيع فهم المعنى الاخر او المغزى المُراد من الكلام وإنما يترجمه بفهمه البسيط».
واضافت: «ايضا هنالك برامج وقنوات فضائية عراقية تحدثت عن موضوع طيف التوحد، إلا أن المقدم لا يمتلك المعلومة عن الموضوع، ويتحدث بمفاهيم مغلوطة وتشخيص غير علمي ويصفه بالمرض للاسف وتحصل تلك البرامج على ملايين المشاهدات، إلا انها تعطي معلومات مغلوطة وتساعد وتحث على التنمر، وهذا يؤخر اي عملية شفاء وتأهيل الطفل المُعاق فما بالك ببقية الحالات الاخرى التي تحتاج الى تعاون المجتمع مع الاسرة لخلق بيئة مناسبة للطفل .
** هل حاولتي التواصل مع المنظمات الانسانية لمساعدة ذوي الاحتياجات الخاصة؟
نعم بعثت اميلات لمنظمات كثيرة وعلى رأسها منظمة اليونسيف فرع السويد وردو على الإيميل واعطوني ايميل اليونسيف فرع العراق، وللاسف لم أحصل من فرع العراق على اي اجابة على رسائلي ومن خلال تواصلي مع اغلب العائلات التي لديها اطفال من ذوي الاحتياجات الخاصة، واكدوا لي ان اليونسيف فرع العراق غير نشط، وإن بادر فمبادراته خجولة وتقتصر على الاطفال الذين يتمتعون بصحة جيدة، بينما الاطفال الذين يعانون من مشكلات يجدون بين الحين والحين الاخر. نأمل بالفترة القريبة ان نحصل على إجابة منهم ليكون لنا عمل مشترك ينهض بواقع الطفل العراقي.