كان ينتظر معجزةً تخلي العالم

باسم المرعبي

كان ينتظر معجزةً تُخلي العالمَ، ليتجول وحيدًا.
حصلت المعجزة..
كلّ ذي نفَس اختفى فيما بقي كلّ ما هو جامد، قائمًا.
حركة الأعلام في الهواء فوق المباني تُعطي العالم وقعًا مختلفًا لم يعرفه من قبل
الذهب في واجهات الصاغة يذكّر بالنظرات اللاهثة الكثيرة التي لمسته
والملابس في المحال تذكّر بالأجساد الغائبة
ها هو يشهد عالمًا راكدًا يُخلَق للتو
الطائرات هاجعة في مدارجها
والسفن راسية في موانئها أو هائمة بلا وجهة…
والقطارات متوقفة في منتصف السكك
الرياح تجول في كلّ شيء.
طافَ البلدانَ والمدن التي يُحب
جلس في كل المقاهي الشاغرة مقاعدها
دخل المتاحف وربّت على الحجر البارد في هيئة تماثيل
التقط صورًا تذكارية لوحدته التي كانت تظهر جليةً في الصورة، بلون قاتم
فيما الأشياء حوله باهتة
تذكّر العدد القليل من أصدقائه
وفناجين القهوة ببخارها المتصاعد على الطاولة وحديثًا عن الشعر،
وصوت ضحكة امرأة
هنا.. أحسّ كأنّ تيارًا عاصفًا تخلّلَ ذاكرته،
ومضةَ برقٍ أضاءت جسده من الداخل
فاستعاد على الفور وصية عراف غابر قرأها في كتاب مهمَل، ذات يوم
وكانت تخاطبه بالاسم، دونَ دهشةٍ منه:
ستكون الرجل الوحيد المتبقي على الكوكب ذات يوم
ستشهد ركود العالم وغياب الأحياء
ومهمتك ستكون الأكثر جسامة في التاريخ
عليك إعادة إحياء العالم
ستذهب إلى موطن المايا، حيث المرأة الشابة الوحيدة المتبقية،
تجدها تبحث عنك في الوقت عينه، هي أيضًا
لقد قرأتْ مثلك، نسختها من الوصية وتعرف ماذا يتعيّن عليها فعله،
ومهمتها أن تهبك قبلةً.
وأنت بدورك تقبلها القبلة الأقوى مُذ خلق آدم وحواء،
مستجمعًا شهوة كلّ العصور.
من قبلتكما هذه سيولد العالم ثانيةً،
يستفيق من سباته، كرضيع يصحو مرتويًا من النوم.
“قبلة واحدة”،
كان هو الفصل الذي وضع العرّاف نبوءته فيه.
 

*عن ضفة ثالثة

مقالات ذات صلة

التعليقات مغلقة