انخفاض موجوداته إلى نحو 6.8 مليار دولار
متابعة ـ الصباح الجديد :
تحاول حكومة رئيس الوزراء مصطفى الكاظمي تحويل إطلاق رواتب المتقاعدين الشهرية إلى «بشرى سارّة»، إذ ترسل وكالات الأنباء المحليّة خبر إطلاق الرواتب بإشعارات سريعة إلى الهواتف المحمولة.
وقد فشلت حكومة الكاظمي، حتّى الآن، في وعودها بعدم المساس برواتب المتقاعدين وتسليمها في أوقاتها المحدّدة للمتقاعدين الذين قضوا عقوداً في الخدمة في المؤسسات الحكومية، ودفعوا، من خلال استقطاعات شهرية، أموالاً لصندوق التقاعد لاستردادها بعد انتهاء خدمتهم.
وتأخر تسليم الرواتب المتقاعدين لأكثر من مرة خلال الأشهر الماضية، فيما جرى تسليم بعضهم رواتبهم على دفعتين نتيجة لعدم توفّر سيولة لدى وزارة الماليّة.
ومن المفترض أن يكون صندوق التقاعد غنيّاً نتيجة للاشتراكات التي يدفعها نحو ٤ ملايين موظف حكومي، إلا أن الصندوق، الذي يعتمد عليه أكثر من مليوني متقاعد عراقي شهرياً، يواجه «شبح الإفلاس» بعد انخفاض موجوداته إلى نحو 6.8 مليار دولار.
واشَّر الخبير الاقتصادي عبد الرحمن المشهداني انخفاضاً كبيراً في أموال صندوق التقاعد خلال عقد ونيّف، مقارناً بين الوقت الحالي والأعوام السابقة.
وقال المشهداني إن «ملكية صندوق التقاعد كانت في عام 2006 و2007 أكثر من 67 ترليون دينار عراقي»، فيما لا تتعدّى اليوم 6.8 مليار دولار، بحسب صندوق النقد الدولي.
وفيما تُحيط هيئة التقاعد نفسها بهالة من السريّة، وتبدو قلعة حصينة أمام الإعلام، تتردّد تسريبات عن أن «شبح الإفلاس» يخيّم على صندوق التقاعد.
ويرمي المشهداني باللوم على الحكومات المتعاقبة في وصول صندوق التقاعد إلى الشحة المالية. «صندوق التقاعد كان يمتلك ثروة ويفترض ان يكون مستقلا عن الموازنة العامة لأنه ناتج عن استقطاعات الموظفين منذ تأسيس الدولة العراقية الى اليوم»، قال المشهداني قبل أن يضيف ان «الثروة استولت عليها الحكومات السابقة حين اقترضت من الصندوق».
ويهدف صندوق تقاعد موظفي الدولة إلى احتساب الحقوق التقاعدية للمشمولين بالقانون رقم 27 لسنة 2006 المعدل وجمع الاشتراكات من منتسبي الدولة، واستثمار جزء من أمواله في حافظات استثمارية وفق القانون للتقليل عن كاهل الموازنة.
وشخّص الخبير الاقتصادي علاء الفهد انحرافاً في أهداف تأسيس صندوق التقاعد، وقال ان «صندوق التقاعد تحوّل إلى مقرض للحكومة، وليس لديه استثمارات».
وفي أيلول الماضي، اعتقلت قوة أمنية مدير هيئة التقاعد العامة السابق أحمد الساعدي بناء على تحقيقات اللجنة المشكلة بأمر رئيس الوزراء مصطفى الكاظمي.
وقال الفهد إن «الحكومة لم توضح ما هي المشكلات التي توّرط بها الساعدي وهي المشاكل التي تعاني منها الهيئة وصندوق التقاعد».
وربطت الحكومات السابقة صندوق التقاعد الوطني بالموازنة العامة للبلاد، بالرغم من أن الصندوق يجب أن يحظى باستقلالية، والاعتماد على اشتراكات الموظفين الشهرية التي يدفعونها للصندوق قبل إحالتهم إلى التقاعد.
وتواجه حكومة الكاظمي أزمة جديّة في تسليم رواتب الموظفين والمتقاعدين نتيجة للأزمة المالية الخانقة التي يعانيها العراق جراء انخفاض أسعار النفط بسبب جائحة «كورونا» التي ضربت اقتصادات العالم منذ مطلع العام الحالي.
وتضع حكومة رئيس الوزراء مصطفى الكاظمي المتقاعدين كأولوية في توزيع الرواتب الشهرية على المواطنين الذين يرتبطون باقتصاد الدولة بشكل مباشر.
ويعتمد نحو أكثر من ٧ ملايين عراقي، من موظفين ومتقاعدين وحاصلين على الرعاية الاجتماعية، على الأموال التي تقدمها الحكومة.
وقد أدّت السياسات الاقتصادية للحكومة السابقة برئاسة عادل عبد المهدي إلى زيادة الضغوط على صندوق التقاعد، بحسب ما يؤشر المشهداني والفهد.
وأشار المشهداني إلى إن «عدد المتقاعدين يزيد عن 2 ونصف مليون متقاعد بفعل الاجراءات الخاطئة للحكومة السابقة»، لافتاً إلى أن «قرار الحكومة الذي اخرج في نهاية 2019 حوالي 225 ألف موظف كان من الممكن الاستفادة منهم لثلاث أو أربع زاد الأعباء على الصندوق».
«ليس هذا وحده ما يشكّل عبئاً على الصندوق»، بحسب المشهداني، «فالدرجات الخاصّة رواتبها عاليّة رغم مساهمتها الضعيفة في الصندوق الذي تتلقى منه أموالاً بعد انتهاء خدماتها التي لا تتجاوز في الغالب أربع أعوام».
في مقترح الإصلاح الاقتصادي التي سُميّت ب»الورقة البيضاء»، قدّمت الحكومة تصوّراً يُفصل بموجبه صندوق التقاعد عن الموازنة العامة للبلاد.
ويجري المشهداني احتساباً لواردات الصندوق من الموظفين المستمرين في الخدمة، ويجد أن الصندوق يمكنه تمويل المتقاعدين.
وأوضح المشهداني «لدينا 3 ملايين موظف إذا كانت الاستقطاعات 7 بالمئة تشكل مصدراً للصندوق فإن هذا يعني حوالي 3 ونصف ترليون دينار تدخل للصندوق سنوياً ولا اتوقع أن الصندوق يدفع هذا المبلغ سنوياً للموظفين».
وتبدو عضو اللجنة المالية محاسن حمدون متفائلة أيضاً بشأن رواتب المتقاعدين وتأمينها، وقالت «المتقاعدين لديهم ارصدة موجودة في صندوق التقاعد».