الصباح الجديد ــ وكالات
ما ان مضت دقائق قليلة بعد صدور حكم المحكمة الدولية الخاصة بلبنان، والتي دانت واحدا من المتهمين الأربعة الأعضاء في حزب الله في قضية اغتيال رئيس الوزراء اللبناني الأسبق رفيق الحريري العام 2005، حتى بدأت محاولات عديدة لتحوير أهمية الحكم والإيحاء بأنه جاء ضعيفا وغير منصف، وأن الأموال التي صرفت على المحكمة ذهبت هباءً، لتجعل الأجواء توحي بأن المحكمة وأموالها لم تأت بفائدة على اللبنانيين، وتبنى تلك المحاولات مقربون من حزب الله وحلفائه إضافة إلى وسائل الإعلام التابعة لهم، أو المقربة، إلى خطهم، ولكنها لم تقف هنا بل، جرفت في طريقها بعض المؤيدين للمحكمة ووصلت إلى بعض جمهور تيار المستقبل كذلك، فهل فعلا المحكمة لم تأت بجديد
إدانة لحزب الله
أستاذ القانون الدولي في الجامعات اللبنانية الدكتور طارق شندب، يجيب على هذا السؤال بالقول: “قرار المحكمة الدولة قرار قضائي أدان مباشرة ميليشا حزب الله، وعندما يقول رئيس المحكمة أن قرار الاغتيال كان سياسيا وتم اتهام أحد قيادي الحزب بهذه المؤامرة والجريمة فهذه إدانة للحزب ككل، وليست لفرد فقط”.
ويلفت شندب في حديث صحفي الانتباه إلى أن المحكمة ذكرت أن التخطيط لعمية الاغتيال حصل قبل 5 أشهر وشارك فيها عدد كبير من الأشخاص، وذكرت المحكمة أيضا كذلك أن هنالك مراقبة لمنزل رفيق الحريري في بيروت وفقرا”، وهنا يعيدنا شندب بالذاكرة إلى ظهور زعيم حزب الله بعد عملية الاغتيال وقوله إن إسرائيل راقبت هذا الطريق ولكن الحكم أظهر العكس، بأن عناصر الحزب هم من قاموا بذلك، وهذا ثبُت عبر شبكة الهواتف التي عرضتها المحكمة.
وقال رئيس المحكمة القاضي ديفيد راي في ختام حكم استغرقت تلاوته ساعات، يوم أمس، “تعلن غرفة الدرجة الأولى سليم عياش مذنبا بما لا يرقى إليه الشك بصفته شريكا في ارتكاب عمل إرهابي باستخدام مادة متفجرة، وقتل رفيق الحريري عمدا، وقتل 21 شخصا غيره، ومحاولة قتل 226 شخصا”، هم الجرحى الذين أصيبوا في الانفجار المروع الذي وقع في 14 فبراير 2005.
وقالت المحكمة في قرارها إن “الاغتيال عمل سياسي كان القصد منه نشر الذعر”، و”أداره هؤلاء الذين شكل الحريري تهديدا لهم”.
وذكرت أن لسوريا وحزب الله “دوافع ربما لاغتيال” الحريري، “لكن ليس هناك دليل على أن قيادة حزب الله كان لها دور في الاغتيال”، و”ليس هناك دليل مباشر على ضلوع سوريا في الأمر”.
وفي سردها للوقائع وتفاصيل الحكم، قالت “لا شك أن الذين تآمروا لاغتيال الحريري قرروا قتله في حال واصل مساره بالابتعاد عن سوريا”، مشيرة إلى أن قرار الاغتيال “اتخذ على الأرجح في مطلع فبراير” بعد اجتماع للمعارضة المناهضة لسوريا كان يدعمه الحريري.
الأموال لم تذهب هباء.. انه إنجاز
وبالعودة إلى تبريرات نصرالله بعد عملية الاغتيال والتي دحضها قرار المحكمة، يقول شندب: “نصرالله خرج بعد الاغتيال مؤكدا عدم وجود عناصر غير منضبطة في صفوف الحزب، وهذا ما يؤكد أنهم هم من اغتالوا الحريري، وليس عياش كفرد وحيد”.
وعن الأموال التي صرفت على المحكمة، يؤكد شندب أن الأموال لم تذهب هباء بل حققت انتصارا كبيرا للعدالة لأن هذه أول جريمة سياسية تكشف في لبنان، وهذا سيمنع حالات الإفلات من العقاب، شهد تاريخ لبنان عشرات عمليات الاغتيال ومحاولات الاغتيال، إضافة إلى الجرائم السياسية، وكلها لم تكشف خيوطها، ولو لم تصرف هذه الأموال لما وصلنا إلى الحقيقة بسبب ضعف القضاء اللبناني.
ماذا بعد القرار؟
وعن تبعات الحكم، يشرح شندب والسيد أن الحزب الآن تحت المجهر الدولي، لأن المحكمة أُقرت تحت الفصل السابع في مجلس الأمن عام 2007، وإذا لم يسلم حزب الله سليم عياش ستقوم المحكمة بإحالة الطلب إلى مجلس الأمن، وهنا يبدأ دور الانتربول في البحث عنه وقد يصل الأمر إلى صدور قرار أممي بوضع الحزب على لائحة الإرهاب الدولي، وهذا الأمر طبعا سيضر بالحزب أكثر وأكثر على الصعيد الدولي.
وينهي شندب حديثه بالتأكيد على أن “المعركة لم تنته، وهذه أول ادانة قضائية للحزب وهي إدانة ليست لسليم عياش فقط”.