المخرجة ايمان خضر..
حاورها سمير خليل:
برغم بحثها وتواصلها الأكاديمي العلمي، الا ان السينما وسحرها وشغفها تبقى اهم شواغل ايمان خضر التي تمور في ذائقتها مشاريع سينمائية تنتظر الدعم كي تضيف لعجلة السينما العراقية زخما ابداعيا، من خلال تناولها موضوعات في صلب اهتمام المواطن العراقي، وما يضمه الواقع من صور شتى.
ايمان تؤمن ان السينما العالمية اليوم قربت المسافات واسهمت بتوثيق الاحداث الإنسانية وترجمت الجمال والحب والبطولة والكثير من الموضوعات. عن طبيعة اعمالها وخلوها من الأفلام الروائية الطويلة قالت:
«لدي أفلام عديدة اغلبها لم تعرض في صالاتنا او مراكزنا الفنية، لكنها عرضت في محطات فضائية وهي ملك تلك المحطات، لدي فيلم واحد يتحدث عن مقاهي بغداد الثقافية لمشروع بغداد عاصمة الثقافة العربية، وبقية الأفلام جميعها سياسية. الأفلام التي انجزتها تسجيلية لصالح قنوات تدعمني وهذا ليس تهربا من الأفلام الروائية».
وتضيف» بدأت باحثة للأفلام الوثائقية، ولم ابدأ كمخرجة او كاتبة سيناريو، تدرجت وعملت في الأفلام، لدي فيلم روائي انجزته منذ نحو سنة واشتغلت عليه لمدة سنتين يتحدث عن داعش، ولم اترك جهة عراقية لم التجئ اليها للمساعدة والدعم، حصلت على دعم بسيط، لكني احتاج الى دعم اكبر، فالفيلم الروائي يحتاج ميزانية عالية جدا، ويحتاج دعما لوجستيا، ما يؤخرني عن انتاج الأفلام الروائية.
- ماهي انطباعاتك عن السينما العراقية اليوم؟ هل هي امينة في تصويرها المشهد العراقي؟
-لا أستطيع ان أسجل انطباعا عن السينما العراقية اليوم، لأنني كنت متغربة ولم يتسن لي مشاهدة أفلام عراقية بضمنها أفلام بغداد عاصمة الثقافة العربية. شاهدت فيلما او فيلمين من التجارب الشبابية وهذا لا يمكنني من الحكم على السينما العراقية اليوم. السينما العراقية صناعة، وتراكم، وايمان، ليست رغبة آنية او رغبة مسؤول او جهة أخرى، هذا لا يصنع سينما ابدا، وانما ينتج أفلاما تعرض في مناسبات معينة، وهي موجودة منذ تأسيس الدولة العراقية لحد اليوم، لكنها كانت للمسؤولين والرؤساء، ولبعض الأنشطة التي تخدم هذا الحزب او ذاك، ولم تكن سينما تحمل هما حقيقيا من هموم الناس اليومية».
وتضيف: «توجد تجارب قليلة لصناعة أفلام لكنها توقفت، كما ان الوضع السياسي للعراق لم يستقر ابدا منذ عام 1958 لحد الآن وبالتالي عدم الاستقرار لا يخلق أي نوع من الصناعة حتى صناعة منتج بسيط جدا، فما بالك بصناعة السينما، وهي صناعة معقدة عليها ان تواكب كل التطورات الحديثة للتكنولوجيا، والتقنية والعلم والصورة والألوان، وهذا صعب جدا، السينما عمل جماعي، ونحن في العراق لدينا مشكلة في كل عمل جماعي».
وتابعت: «الاعمال الفردية في العراق حققت نجاحا كبيرا في الشعر والتشكيل. الرواية بعد العام 2003 تطورت أيضا واخذت مديات جميلة وفتحت آفاقا عكس المسرح مثلا، الذي تراجع كثيرا، نحن نفتقد صناعة السينما، ومن الصعب ان تنشأ عندنا، وهذا ليس تشاؤما، بل هو الواقع، الا اذا حدث ما يغير هذه القناعة. - ماهي السبل التي تجدين انها تسهم بالنهوض في واقع السينما؟
-ننهض بالسينما عندما تكون الدولة مؤمنة بها، الدولة يجب ان تعي ماذا يعني الفيلم السينمائي، انت بإمكانك ان تكتب عشرات الكتب، ولكنك لا تستطيع ان تصنع فيلما واحدا يدخل مهرجانات، ومن الممكن ان يسلط الضوء على بلدنا، فيلم يغير مفاهيم عديدة تخصنا، السينما تحتاج لأناس يؤمنون بها، ولا يوجد مثل هذه النماذج. في دائرة السينما والمسرح ومنذ العام 2003 لم ينجز فيلم سينمائي، وطبعا نستثني هنا أفلام بغداد عاصمة الثقافة العربية، وهذا أيضا موضوع مستقل، ولّد مشكلات واشكاليات كثيرة، النهوض ليس كلمة ولا بناء جاهزا، بل تراكم معرفي وثقافي وايمان بهذا العمل وهذا صعب أيضا». - المرأة والسينما، هل هي اشكالية ام ظاهرة؟ ما الذي دفع ايمان خضر الى عالم السينما؟
-لا أستطيع ان أقول انها إشكالية او ظاهرة، هي ليست كذلك، هناك مخرجات شكلن حضورا سينمائيا عالميا، وحصدن جوائز الاوسكار مثل الإيرانية سميرة مخملباف، وهذا امر ملفت للانتباه ليس لكونها امرأة، بل لأنها صغيرة بالسن، واظن انها أصغر من حصل على الاوسكار. السينما عمل صعب ومركب ومعقد في أي مكان، وبرغم هذا فإن المرأة بإمكانها انجاز أفلام كبيرة، لكن هنا في العراق اشبه بالمستحيل، وبالنسبة لي، ما دفعني الى عالم السينما انني عملت كباحثة للأفلام في قناة الجزيرة الوثائقية، إضافة الى اني اعشق السينما، لذلك اصبح عملي كباحثة للأفلام اشبه بمتعة كبيرة، إضافة الى اني قارئة للتاريخ بشكل لابأس به، وهذا ساعدني ان اعمل أفلاما لقناة الجزيرة منها فيلم عن احمد الشقيري، وفيلم عن المسلمين في أميركا».
يذكر ان اول فيلم عملت على وضع السيناريو له وقمت بإخراجه، عن انيس الصائغ لقناة الجزيرة الثقافية. اما الفيلم الثاني فكان عن الملك فيصل، وهو فيلم (ديكودراما) عن هذه الشخصية، ولأول مرة ينتج فيلم ضخم كهذا مدته ساعة كاملة، استعرضت حياته من بداية تسلمه السلطة لغاية وفاته، وكان أيضا للجزيرة الوثائقية.
كما أنجزت فيلمين، الأول لصالح مشروع بغداد عاصمة الثقافة العربية عن مقاهي بغداد الأدبية، ولم يعرض لأنه تعرض للنسيان، والفيلم الثاني (ظل الكونكريت) الذي يتحدث عن كيفية تقسيم بغداد لمناطق طائفية، وكيف اثر هذا التقسيم على حياة الناس اليومية ومشاعرهم.
وايضا فيلم (عاملات الطابوق) والذي يحكي عن النساء العاملات في معامل الطابوق في منطقة النهروان، ومدته ساعة كاملة، والذي قالت عنه» اخذ مني سنتين من العمل لصعوبة تناول هذا الموضوع، وطبيعة المنطقة، والتصوير كان خلال شهري تموز وآب وهما ذروة حرارة الجو، وإضافة الى الموضوع وفكرته، فكان علي ان اضفي جمالية على الفيلم وفي الوقت نفسه تسليط الضوء على معاناة المرأة العراقية وكيف تُستغل من أصحاب المعامل، ومعاناتها الأخرى بغياب تعليم الأطفال، وغياب الجانب الصحي والسكن، هؤلاء النسوة اللائي يعملن في صناعة الطابوق لبناء الدور والمدارس والمساجد والكنائس لا يمتلكن سقفا يحميهن مع عائلاتهن وتلك مفارقة عجيبة ومؤلمة في الوقت ذاته، ونتمنى ان تنتهي معاناتهن قريبا».