إسماعيل زاير*
ودعنا قبل أيام الكاتب الرياضي الكبير كامل السماوي.. ودعناه عند قدير غفور ندعو له أن يكون في رحاب الجنة لما لديه من خلق وأدب وتواضع بإذن الله تعالى… نحن في «الصباح الجديد» كنا قد فارقناه منذ بضع سنوات بعد أن أخذ منه الألم مـأخذا وفاض كأس تحمله بما لا يسعه ليواصل العمل اليومي للصحافة اليومية الظالمة. لقد أشاح المرض له بنظره ليترك جسده النحيل فريسة المعاناة المريرة فلم نتحمل رؤيته على تلك الحال وما عاد له أن يكابد المرارات اليومية الناجمة عن خذلان القلب له فافترقنا آسفين وداعين له بالشفاء والعلاج المناسب عسى ان يهنأ بسنين عمره الاخيرة.
كان كامل السماوي صدراً رحباً لاستيعاب تقلبات الرياضة والرياضيين الذين خرجوا لتوهم من كابوس عدي ومؤسساته. ولم يكن في العام 2003 إلا كائناً نزيها صامتاً صبوراً غير متطلب ولا ماكر في عالم يمور بالفاسدين وخربي الضمير ومكسوري الجناح. لكنه كان قلباً مفتوحاً متسامحاً حريصاً على مصالح زملائه ومساعداً لهم في تجاوز عقبات العمل وعثرات النص. وكنا في أشد الحاجة الى استيعاب مطالب الرياضيين ومكائدهم وثاراتهم تجاه أفواج الانتهازيين الذين غذاهم المقبور عدي وغطى على أخلاقهم بطبقات من الممارسات المشينة بحق بعضهم البعض. وكان السماوي خير أنموذج على تأمين الارضية الهادئة والميسرة التي تنعم على الرياضة والرياضيين بما يستحقونه من بداية جديدة لمساراتهم المهنية في الميدان وفي صالات التحرير.
وفي الحقيقة كانت ممارسات وعمل كامل السماوي شكلاً حاسماً من أشكال الاستقالة من عالم العهد المباد إذ أصبح العيش في النطاق الرياضي عبئاً أخلاقياً وحياتياً عسيراً كان عليه ان يدشن مع بقية زملائه العاملين في المؤسسات الإعلامية التي أسسناها على حطام مؤسسات عدي البغيضة عهداُ من العمل المهني البعيد تماماً عن مقاييس ذلك العهد الرذيل الذي يشعر الرياضيون فيه بثقل المهمات وعسرها وتضاربها مع ما تعلموه على أيدي آبائهم وأمهاتهم . كان ذلك العالم من دون شهامة او وفاء او رفعة، بل كان خليطا من الوشايات والمكائد والمؤامرات ومحاولات التملص. لم يستمتعوا بما تمنحه الرياضة من آمال وأحلام حيث البلد مغلق والرياضي محاصر بعسس الرياضة. ولم يكن أمام الرياضيين من مخارج او ذرائع.
لهذا فأن ذكرى كامل السماوي كان لها طعم آخر، طعم جديد على المشهد وساعده في ذلك أنه لم يكن مطالباً من إدارة التحرير بشيء يتعارض مع مبادئه الاخلاقية وليس فيه من اضطرار للوشاية او الخيانة لصداقاته واحبابه. لذا فقد نجحنا معه في ترجمة ما نرى انه الفعل القويم والمهني والمفيد للقارئ. ومع تحرر كامل من كل تلك الأعباء تحرر معه القارئ والصحفي على حد سواء. وحررني أنا أيضاً كرئيس للتحرير من مواجهة عالم لم ألم به تماماً بسبب المنفى والعد الكاني.. الى روحك الطاهرة الف دعاء وامل ان يسبغ عليك الله القدير كل ماتستحق ويغفر لك.
- رئيس التحرير