صدرت حديثاً عن منشورات المتوسط – إيطاليا، رواية جديدة للروائي العراقي إبراهيم أحمد، وجاءت بعنوان «متاهة الأذكياء – شاعران ودكتاتور». روايةٌ لا تعنى بالكشف عن اسم دكتاتور معين ولا بلده، فالدكتاتورية ظهرت في بلداننا العربية بأشكال مختلفة ومتطرفة، وعانت منها الشعوب في كل مكان وزمان ودفعت ثمنها ويلات وكوارث. وما يزال الكثيرون يعانون آلامها ويستغرقون في جدل ونقاش حولها.
وهنا، في هذه الرواية، التي تدور أحداثها في مدينة بودابست، يلتقي الشاعر ماجد الرضواني، الذي كرَّس شعره في مديح الدكتاتور وخلق أمجادا له، بصديقه الشاعر بديع صالح، والذي على النقيض تماماً من الرضواني، فقد رفض الدكتاتورية واختار المنفى منذ أكثر من عشرين عاماً. يدور بين الصديقين حوار طويل مرير نتعرف من خلاله على قصة وطنهما، وسيرة الدكتاتور مع الكثير من دقائقها الخفية ومعاناة جيلهما من الشعراء والمثقفين في بلادهما.
سنتعرف أيضاً على كلاري الفتاة المجرية المثقفة والجميلة، والتي تحاول التقريب بين ماجد وبديع، فتستعيد لمحات مما عانته عائلتها من عسف النظم الشمولية الستالينية. وربما يكون هذا الإرث المشترك من المعاناة سبباً في علاقة حب تخوضها مع بديع.
من الرواية»
التفت إلى كلاري:
-تصوري! لا يُذكر هناك اسم الدكتاتور أو لقبه؛ إلا ويقال حفظه الله ورعاه. لذلك صار الشخص هناك إذا اقترب في كلامه من اسمه، أو لقبه، يرتبك ويتلجلج، كأنه يقترب من حفرة عميقة، خشية أن ينسى، أو يذهل، فيسقط، وتكون نهايته، فهو يمكن له أن ينسى أو يغفل عند ذكر اسم الله، فلا يقول «جلَّ جلاله»، أو يذكر اسم النّبّي، ولا يقول (صلّى الله عليه وسلّم)، ولكنْ، أن يُذكر اسم الدكتاتور أو لقبه فقط، ولا يقال حفظه الله ورعاه، فتلك جريمة كبرى لا تُغتفر، والويل له، ثمّ الويل، مَنْ يرتكبها سهواً أو عمداً، يُعتقل، وتُنزل عليه عقوبة السجن لسنوات، وإذا تفاعلت قضيّته لاعتبارات أخرى، فسيُعدم لا محال.
علاقة حب
هزّت كلاري رأسها قائلة:
-أعرف هذا من السفارة، أعتقد أن شيئاً كهذا، لم يحصل عندنا حتّى في أحلك أيّام الحقبة الستالينية
إبراهيم أحمد:
كاتب عراقي من مواليد الأنبار عام 1946. يعدّ من المؤسسين لـ «القصة القصيرة جداً» في العراق حين أصدر مجموعته القصصية الشهيرة «عشرون قصة قصيرة جداً» عام 1976. صدرت له العديد من المجموعات القصصية منها: زهور في يد المومياء، صفارات الإنذار، بعد مجيء الطير، المرآة، قصة حب لزهرة الأوركيديا، التيه في أيس، لارا زهرة البراري. أما في الرواية فقد صدر له العديد أيضاً منها: طفل السي إن (وكانت بمقدمة لعبدالرحمن منيف)، والانحدار، وليلة الهدهد، قيثارة أجاثا كريستي.
مارس العمل السياسي والثقافي المباشر لعقود طويلة واضطر تحت الملاحقة لمغادرة العراق سراً عام 1979. تنقل في المنافي بين سوريا والجزائر وهنغاريا. يقيم في السويد منذ عام 1989، ويتنقل إلى القاهرة لفترات.