النيران تلتهم رئة العالم وتخنق الكوكب

متابعة الصباح الجديد :

حذر مدير برنامج منظمة «أمازون ووتش» البيئية، كريستيان بوارييه، من أن إزالة الغابات نتيجة الحرائق في غابات الأمازون المطيرة التي يطلق عليها الجهاز التنفسي للأرض، تعد دمارًا لا يوصف، ليس للأمازون فحسب، بل للكوكب بأكمله.
وقال بوارييه إن»إجمالي مساحة الغابات التي تم تسجيل إزالتها في الفترة من يناير/كانون الثاني إلى نوفمبر/تشرين الثاني الماضيين هي 8 آلاف و934 كم مربع، ما يمثل زيادة بنسبة 83% عن الفترة نفسها من عام 2018».
وأضاف أن المنطقة المتضررة تساوي تقريبًا مساحة بوتوريكو (جزيرة في البحر الكاريبي).
وتأسست منظمة «أمازون ووتش»، التي تتخذ من كاليفورنيا الأميركية مقرًا لها، عام 1996، بهدف حماية الغابات المطيرة، والنهوض بحقوق الشعوب الأصلية في حوض الأمازون.
وأكد بوارييه أن هناك أدلة قوية على أن حرائق هذا العام في الأمازون مرتبطة بعملية إزالة الغابات، مضيفًا «أن عدد الحرائق النشطة في يوليو/تموز الماضي كان أعلى بمقدار 4 أضعاف من متوسط عددها في السنوات الثلاث الماضية، في حين كان عدد الحرائق النشطة في أغسطس/آب الماضي أعلى تقريبا بمقدار 3 أضعاف من الشهر نفسه من عام 2018، والأعلى منذ عام 2010.»
ومضى قائلا إن «آخر البيانات المتعلقة بحرائق الأمازون هي من تاريخ 29 نوفمبر الماضي، إذ تم توثيق اندلاع 10 آلاف و223 حريقاً خلال ذلك الشهر، وهذا يمثل زيادة بنسبة 15 بالمئة مقارنة بالشهر نفسه من العام الماضي، وزيادة بنسبة 30 بالمئة عن أكتوبر 2019 (الذي شهد 7 آلاف و855 حريق).»
وعن الآثار المدمرة للحرائق على الحياة البرية في الغابات المطيرة، قال بوارييه إنه على الرغم من أنه ما يزال يتعين قياس نتائجها جيداً على حيوانات المنطقة، إلا أنه من المؤكد أننا نفقد غابات بالغة القدم؛ وهو ما يولد المزيد من انبعاثات الكربون.
وأردف بالقول إن الغابات المطيرة يمكن أن تستغرق عقوداً أو حتى قروناً حتى تتعافى.
وتابع: «من بين التأثيرات الأخرى، انخفاض تدفق المياه إلى الأحواض التي تضم الأمازون، مما يؤثر على الصيد والزراعة، ويعمق أزمة التهديد لأصناف الحيوانات ويزيد من تفاقم تغير المناخ الإقليمي والعالمي»، وذلك حسب دراسة حديثة بجامعة ستوني بروك الأميركية.
واستطرد بأنه مع فقدان منطقة الأمازون ما يصل إلى 17% من غاباتها بالفعل، يعتقد العلماء أن نقطة التحول ستحدث عند وصول نسبة إزالة الغابات ما بين 20 و25 %.
وأوضح أنه ترافق إزالة غابات الأمازون مع تأثيرات التغيرات المناخية يهدد بخلق مساحات واسعة من أراضي السافانا الجافة.
ومضى قائلا «إذا حدث هذا، فسوف تنقرض عشرات الآلاف من المجموعات الحيوانية أو النباتية االمستوطنة وستُفقد كميات هائلة من الكربون»، في إشارة إلى سيناريوهات أسوأ الحالات في حالة الوصول لـ»نقطة اللاعودة « في الأمازون.
وشدد أنه مع تلاشي مساحات ضخمة من الغابات المطيرة، هناك أيضا خطر أن يقل الدور الرئيسي لغابات الأمازون التي تعد «قلب الأرض» في امتصاصها للكربون بشكل كبير، مما يعني بقاء المزيد من ثاني أكسيد الكربون في الجو.
وأوضح بوارييه أن عدد الحرائق التي تم تسجيلها على أراضي السكان الأصليين في الأشهر التسعة الأولى من عام 2019، ضعف ما كانت عليه في العام الماضي، ويمثل أعلى رقم في السنوات الـ8 الماضية، على وفق الأرقام الصادرة عن المعهد الوطني لأبحاث الفضاء.
وشدد على أن الحرائق مرتبطة «بإزالة الغابات والغزو والعنف» في أراضي السكان الأصليين.
وتابع قائلا «تزايدت عمليات غزو أراضي السكان الأصليين منذ عام 2018؛ مما أدى إلى اشتباكات عنيفة مع السكان الأصليين، وأُشعلت النيران عن عمد بهدف إزالة الغابات التي تستعمل لرعي الماشية».
واستطرد أن المستولين على الأراضي وقاطعي الأشجار بشكل غير قانوني وعمال المناجم هم العوامل الرئيسة المحركة لإزالة الغابات، وهو ما تدعمه سياسة الرئيس البرازيلي جايير بولسونارو المعادية للبيئة.
وتبعاً لإحصائيات القتلى من السكان الأصليين في المنطقة، أشار بوارييه أن عمليات قتل السكان الأصليين شكلت 37% من جميع عمليات القتل في المناطق الريفية هذا العام، بعد أن كانت 7% عام 2018.
ومنذ آلاف السنين، كانت منطقة الأمازون موطناً لما لا يقل عن 400 من شتى الشعوب الأصليين من 8 بلدان في أميركا الجنوبية، الذين ترتبط حياتهم ارتباطاً جوهرياً بالأرض والمياه من أجل البقاء على قيد الحياة والمحافظة على ثقافتهم.
وأشارت إلى أنه على الرغم من الانخفاض الملحوظ في حرائق الأمازون بعد استجابة حكومة بولسونارو لمكافحة الحرائق، أكدت ليلى سالازار لوبيز، المديرة التنفيذية لمنظمة «أمازون ووتش»، أن هناك حاجة إلى التزام حقيقي من رئيس البرازيل بحماية الغابات المطيرة.
وقالت إن «بولسونارو وعد بعدم التسامح مطلقاً مع الإزالة المدمرة للغابات وما تلاها من حريق «متعمد» واسع النطاق، وبرغم هذا فإن سياساته وخطابه شجع بالفعل على مثل هذه الجرائم»، في إشارة إلى ما يقوم به المزارعون وأصحاب المزارع في الغابات المطيرة.
وأضافت أن «حرائق الأمازون كانت مأساة عالمية مرتبطة مباشرة بخطاب الرئيس بولسونارو المعادي للبيئة»، مضيفة أن عمليات الشركات الأميريكية والأوروبية في الغابات المطيرة سرعت من إزالة الغابات.
وشددت على ضرورة مواصلة الضغط على الحكومة البرازيلية لضمان حماية الأمازون وشعوبها الأصلية، الذين يمثلون الخط الأمامي للدفاع عن الغابات المطيرة.
وتابعت: «لابد من النظر في جوهر الأمور للقيام بدورنا في حماية الغابات المطيرة وكوكبنا للأجيال المقبلة».
يذكر أن الأمازون موطن ثلث أنواع النباتات والحيوانات في العالم، ويوزع 20% من المياه العذبة للأرض، كما أنه ينتج 20% من أكسجين الأرض، فهو يمتص أكثر من مليار طن من الكربون في الغلاف الجوي الذي ينبعث من حرق الوقود الأحفوري سنوياً.

مقالات ذات صلة

التعليقات مغلقة