تحت مسمى مجلس وطني للإعلام
السليمانية ـ عباس كاريزي:
عبر صحفيون واعلاميون عن رفضهم لمشروع تأسيس مجلس وطني للإعلام في الاقليم، وفي حين عدّه بعضهم محاولة لتقييد الحريات الصحفية، أكد اخرون بانها محاولة لفرض سياسة الاحزاب على الصحافة والاعلام.
وكان عدد من المختصين في مجال الاعلام ومسؤولون في حكومة الاقليم، قد عقدوا في اربيل خلال الايام القليلة المنصرمة ندوة خاصة بالأداء الاعلامي في اقليم كردستان، توصلوا خلالها الى اعداد مشروع لتشكيل مجلس وطني للإعلام في الاقليم ورفعه الى برلمان كردستان لمناقشته والمصادقة عليه.
ويتكون المجلس الوطني للإعلام وفقا للمشروع المعد من تسعة أعضاء: اثنان منهم ممثلين عن وزارتي الثقافة والشباب والاتصالات المعنيتان بشؤون الاعلام، اضافة الى ممثل عن حكومة الاقليم ومرشح عن برلمان كردستان لرئاسة المجلس، وممثل عن السلطة القضائية، وممثلين اثنين عن نقابة الصحفيين و آخر يمثل القنوات الاعلامية، وممثل عن هيئة حقوق الانسان في الاقليم، ويرى مراقبون ان هذه المؤسسة ستخضع لنفوذ الاحزاب نظراً لأن غالبية اعضاء المجلس سيكونون حزبيين، باعتبار ان الاشخاص التسعة بحسب مشروع القانون يخرجون من رحم الاحزاب الحاكمة.
واكد عدد من الاعلامين، ان مشروع القانون هذا في حال تم تمريره الى برلمان كردستان على صيغته الحالية يشكل خطراً على الحريات الصحفية في الاقليم، بينما يرى آخرون انه ايجابي ويضع حدا للتجاوزات الصحفية.
ويقول الصحفي سامان صديق في تصريح للصباح الجديد، ان هناك قانونين في الاقليم تتعلق بتنظيم شؤون الاعلام و العمل الصحفي وهما قانون تنظيم العمل الصحفي في الاقليم رقم 35- الصادر في عام 2007،و قانون حق الحصول على المعلومة، وبرغم عدم التعامل بهما في الاقليم كما ينبغي، الا انهما ساريا المفعول، لذا فان المشروع الاخير، سيمثل عملية تقييد للعمل الصحفي واخضاعه للنفوذ الحزبي.
ودعا صديق نقابة الصحفيين الى اجراء استفتاء مستقل، بين الصحفيين لمعرفة، اذا ما كان غالبية الصحفيين يعارضون المشروع ام يؤيدونه.
و بالاطلاع على مواد في المشروع يبدو في منظور الكثير من الصحفيين، انه سيؤدي الى فرض مزيد من القيود، اكثر من منح الحرية لعمل الصحفي.
بدوره وبينما ابدى استاذ قسم الاعلام بجامعة السليمانية كامل عمر، اعتراضه على مشروع قانون المجلس الوطني للصحافة، قال ان «المشكلة تكمن في عدم تطبيق قانون العمل الصحفي في الاقليم، من قبل الجهات الرسمية، بينما يحاولون خنق ما تبقى من الحرية في العمل الصحفي بالعمل على سن قانون جديد.
ويتألف مشروع القانون الذي قام استاذة جامعيون وخبراء واكاديميون بإعداده من 14 مادة تشير احدى مواده الى ان احكام هذا القانون سينضم عمل الاعلام والصحافة ومهنة الصحفي ومعيشة الصحفيين، وسيكون له سلطات على شتى وسائل الاعلام المرئية والمسموعة والمقروءة وشركات الاعلام ومراكز ودور النشر والمواقع الالكتروني، ما عدا المواقع والصفحات الشخصية.
ويقول كامل عمر، ان القانون بقدر سعيه لتقييد وتحجيم واحاطة عمل الصحفي والمؤسسات الاعلامية فانه لا يتحدث عن الحفاظ على حقوق الصحفيين وضمان استحقاقاتهم المهنية.
وتنص المادة عاشرا من القانون الخاصة بتنظيم اداء ومبادئ عمل الصحفي، في حال قيام الصحفي باي خرق للقانون والتعليمات ومبادئ العمل الصحفي، فان الصحفي يتعرض للمساءلة والغرامة المالية وسحب ترخيص العمل وعضويته من نقابة الصحفيين، كما ان المؤسسة الاعلامية التي تخالف القانون فإنها عدا عن الزامها بدفع غرامة المالية، فانه يتم الغاء ترخيص عملها في الاقليم، وهو ما لم يرد في قانون تنظيم العمل الصحفي السابق في الاقليم.
من جهته قال رئيس مؤسسة اوينة الصحفي اسوس هردي في تصريح للصباح الجديد، «انا وبينما لا استبعد ان يكون بعض من المشاركين في الندوة من المؤيدين لهذا المشروع يأملون من خلاله تنظيم العمل الصحفي، الا انني لا اشك في ان الساعين لإقرار هذا القانون يحاولون وضع المزيد من العقبات والقيود وتحجيم حرية التعبير عبر تشريع هذا القانون.
واضاف «قبل ان نناقش نص القانون فلنسأل انفسنا في ظل هذا النظام السياسي السائد في الاقليم، هل بإمكان المجلس الوطني للإعلام، الذي يعتزم برلمان كردستان انشاءه عبر قانون ومنحه سلطات واسعة، ان يضمن حرية الصحافة والاعلام في كردستان؟.
وتابع، ان برلمان كردستان هو نفسه يقع تحت هيمنة الاحزاب الحاكمة والسلطة التنفيذية، لذا فانا لا اشك بان انشاء اي مجلس من قبل برلمان كردستان سيكون خاضعاً لذات المعايير وسيتم اقتسام اعضائه بين الاحزاب الحاكمة، وسيصبح تابعاً للسلطة التنفيذية، ولن تكون قراراته مستقلة.
واردف،» لذا فإننا نرى بان صلاحية ايقاف وسحب الترخيص من المؤسسات الاعلامية والصحفيين في القانون انيطت بالمجلس، في الوقت الذي كان قانون تنظيم العمل الصحفي في الاقليم يكتفي بمعاقبة الاشخاص وليس المؤسسات الصحفية.
كما انني اتساءل عن الاسباب التي دفعت بهؤلاء الى محاولة تنظيم الفوضى السائدة في العمل الصحفي بالإقليم ومن المتسبب بخلق هذه الفوضى، فاذا كان الهدف انهاء التبعية السائدة في وسائل الاعلام ومواقع التواصل الاجتماعي فليمارسوا ضغوطات على الاحزاب ويدفعوهم باتجاه رفع يديهم وعدم التدخل في عمل الصحفي والمؤسسات الصحفية.
واشار الى ان المعضلة تكمن، بان السلطات تحاول من خلال سن هذا القانون مساءلة الاعلام الاهلي و ليس الحزبي.
وعلى خلاف هذا الرأي تقول الاستاذة في قسم الاعلام بجامعة السليمانية الدكتورة نزاكت حسين، ان المشروع ايجابي، ويحد من الفوضى الموجودة حالياً في عمل وسائل الاعلام، مشيرة الى انه يسهم في خلق حرية متناسقة صحيحة.
واوضحت انا رأيي هذا لا يعني تأييدي لتقييد الحريات، لكن من الضروري وضع حد للصحفيين والمؤسسات الاعلامية التي تخل بالأمن الوطني.