برتولد بريخت ومسرح التغيير

الصباح الجديد – وكالات:

برتولد بريخت ..شاعر وكاتب ومخرج مسرحي ألماني ولد في أوغسبورج في 10 شباط 1898 ومات في برلين في 14 ايلول 1956 ، يعد بريخت من أهم كتاب المسرح في القرن العشرين. كما أنه من الشعراء البارزين، درس الطب في ميونخ وهناك تعرف على لودفيج فويشتنفانجر وعمل في مسرح كارل فالنتين. وفي عام 1922 حصل بريشت على جائزة كلايست عن أول أعماله المسرحية وفي عام 1924ذهب إلى برلين حيث عمل مخرجا مسرحيا وهناك اخرج العديد من مسرحياته وتزوج عام 1929 من الممثلة هلينا فايجل، في عام 1933 بعد استيلاء هتلر على السلطة في ألمانيا هرب إلى الدانمارك ثم هرب عام 1941 من الدانمارك من القوات الألمانية التي كانت تتوغل في أوروبا وتحتل كل يوم بلدا جديدا فهرب إلى سانتا مونيكا في كاليفورنيا وهناك قابل العديد من المهاجرين الألمان الذين فروا من الدولة الهتلرية التي بدأت تمارس القهر والاغتيالات ضد المعارضين وتحرق كتب الأدباء التي لا ترضى عنهم. والتي كانت كتب بريشت من الكتب التي أحرقت. وهناك في أمريكا لم يكن بريشت راضيا عن الأوضاع الاجتماعية والأخلاقية في أمريكا، في عام 1947 حوكم برتولت بريشت في واشنطن بسبب قيامه بتصرفات غير أمريكية ، عاد إلى الوطن ألمانيا عام 1948 ولكن لم يسمح له بدخول ألمانيا الغربية فذهب إلى ألمانيا الشرقية حيث تولى هناك في برلين الشرقية إدارة المسرح الألماني ثم أسس في عام 1949 «مسرح برلينر إنسامبل (فرقة برلين) وتولى عام 1953 رئاسة نادي القلم الألماني، حصل عام 1954 على جائزة ستالين للسلام وقد أثر مسرح «برلينر إنسامبل» على المسرح الألماني في فترة ما بعد الحرب العالمية الثانية وظل بريشت يعمل في هذا المسرح حتى وفاته في عام 1956.
يعتبر بريشت من أهم كتاب المسرح العالمي في القرن العشرين. ويقوم مذهبه في المسرح على فكرة أن المشاهد هو العنصر الأهم في تكوين العمل المسرحي فمن اجله تكتب المسرحية حتى تثير لديه التأمل والتفكير في الواقع واتخاذ موقف ورأي من القضية المتناولة في العمل المسرحي ومن أهم أساليبه في كتابة المسرحية: 1- هدم الجدار الرابع-: ويقصد به جعل المشاهد مشاركا في العمل المسرحي واعتباره العنصر الأهم في كتابة المسرحية والجدار الرابع معناه أن خشبة المسرح التي يقف عليها الممثلون ويقومون بأدوارهم هي تشبه غرفة من ثلاثة جدران والجدار الرابع هو جدار وهمي وهو الذي يقابل الجمهور، 2- التغريب : ويقصد به تغريب الأحداث اليومية العادية أي جعلها غريبة ومثيرة للدهشة وباعثة على التأمل والتفكير، 3- المزج بين الوعظ والتسلية أو بين التحريض السياسي وبين السخرية الكوميدية، 4- استخدام مشاهد متفرقة : فبعض مسرحياته تتكون من مشاهد متفرقة تقع أحداثها في أزمنة مختلفة ولا يربط بينها غير الخيط العام للمسرحية كما في مسرحية «الخوف والبؤس في الرايخ الثالث» 1938. فقد كتبها في مشاهد متفرقة تصب كلها في وصف الوضع العام لألمانيا في عهد هتلر وما فيه من القمع والطغيان والسوداوية التي ينبأ بحدوث كارثة ما، 5- استخدام أغنيات بين المشاهد وذلك كنوع من المزج بين التحريض والتسلية.

المسرح الارسطي عاجزعن توصيل رسالة تستفز المتلقي
لقد أكد لنا بريخت على عجز المسرح الأرسطي (الكلاسيكي) في توصيل رسالة تستفز المتلقي وتثير غضبه وتحرضه على أن يكون عضواً فعالاً يريد تغيير الواقع، لذا صبّ جلّ اهتمامه في كتابه (نظرية المسرح التعليمي) على تحطيم الإيهام والتأكيد على أن ما يجري على خشبة المسرح ما هو إلا تمثيل في تمثيل، فضلاً عن تأكيده على طرح قضية معينه تستهدف تنبيه المتلقي وإثارته ودفعه إلى إثارة الواقع من خلال المؤثرات السمعية والبصرية أو من خلال التأكيد على مفاهيم أساسية تمنح النص جمالية، فضلاً عن كونها رسالة صيغت بأسلوب مقنّع لإحداث التواصل بين المتلقي والكاتب، لابد من الإشارة إلى أن مفهوم التغريب هو وليد الشكلانية الروسية والشكلانيين الجيك والبولنديين الذي ينص على أن «نقل الشيء من متواليته في الواقع إلى متوالية جديدة في الفن يصبح غرائبياً»، لقد صاغ بريخت هذا المصطلح نظرياً وحققه عملياً في الكثير من مسرحياته، مؤكداً على شيئين، الأول تحويل الشيء إلى شيء خاص يثير الغرابة والغموض والدهشة ، والثاني إلغاء الإيهام أو (يتعين على الممثل أن ينسى كل ما تعلمه عندما كان يحاول أن يحقق بواسطة تمثيله الاندماج الانفعالي للجمهور)، إن استخدام المؤثرات البريختية تتفاوت في تأثيرها وأهميتها في نسيج النص ودرجة تغريبها من كاتب إلى آخر ومن مسرحية إلى أخرى، ومن المؤثرات البريختية إعلان المؤلف الضمني عن خيالية العمل المسرحي ولا واقعيته في مقدمة أو خاتمة المروي وتغيير الأنماط السائدة في المسرح مثل الاختلاط بين المؤدِّين والمتفرجين وبروز الراوي وتعدد الشخصيات والمشاهد وسرعة تحولها وبروز تقنية المسرحية داخل المسرحية وكشف سر اللعبة المسرحية أمام الجمهور وخروج بعض الشخصيات من أدوارها مثل الحوار بين المؤلف والمخرج أو المخرج بوصفه راوٍ مع الجمهور، وجود نصوص تتأمل ذاتها ووجود إشارات إلى مرجعيات النص المسرحي وأحيانا يعاد الموروث عبر منظور عصري، ويصاغ بأبعاد فكرية وسياسية وفلسفية جديدة، وبذلك يتحول النص المرجعي إلى موضوع عام يعالج قضايا إنسانية مما يزيد من فاعلية النص وينتج قراءات تأويلية وانفتاح النص إلى إحالات نصية لا حصر لها، إن تطويع المدونة التاريخية والدينية والأدبية، وجدت في المسرح منذ القدم إلا أن طريقتي التقديم
والوظيفة اختلفت الآن، كانت المرجعيات في النص المسرحي تقوم على عرض المادة التاريخية بشكل محاكاة إما وظيفتها فهي التطهير (الإمتاع والتسلية)، اليوم أكدت المرجعيات على معاني النصوص التاريخية بإطلاق الكلمة وإحالتها إلى دلالات على وفق رؤى مغايرة، رؤى أيديولوجية وسياسية وفلسفية يضفي الطابع التاريخي على النص قيمة جمالية، لذا لا يتقيد الكاتب بالوقائع التاريخية وتسلسلها إنما يضيف عليها شيئاً يمنحها هذا الشيء القيمة الجمالية التي تزيد من عملية التواصل والتفاعل بين الكاتب والمتلقي، إن عرض أحداث عصرية حاضرة في قالب تاريخي يجعل المتلقي يقظاً ويفكر ملياً ثم يحكم إيقاظ وعيه بالحاضر وإحالته إلى الماضي وهذا ما يحيد بالمتلقي إلى عدم الاندماج بسحر الإيهام لأن (الوعي) سيفصل بينه وبين الأحداث، لأن الأحداث وقعت في الماضي وليس الآن.

أعماله المسرحية
(بعل) ، (طبول في الليل)، (حياة إدوارد الثاني)، (الرجل هو الرجل)، (أوبرا الثلاثة قروش)، (صعود وسقوط مدينة مهاجوني)، (حياة جاليليو)، (الاستثناء والقاعدة)، (الأم)، (البؤس والخوف في الرايخ الثالث)، (الأم شجاعة وأبنائها)، (الإنسان الطيب من سيتشوان)، ( دائرة الطباشير القوقازية) .بالاضافة لمسرحيات من فصل واحد هي(الزفاف) و(الشحاذ أو اليد الميتة) و(كم يكلف الحديد) و(الخطايا السبعة المهلكة)

بعض الأشعار المترجمه لبريخت
*أريد أن أمضي مع من أحب.. أريد أن أمضي مع من أحب كم سيكلفني ذلك ..لا أريد أن أحسب هل هو خير لي.. لا أريد ان أعرف هل يحبني.. لا أريد ان اعرف أريد فقط أن أمضي مع من أحب..
وصية الصباح والمساء ..أخبرني حبيبي انه يحتاجني.. ومن أجل ذلك انا أرعى نفسي جيدا.. أرقب خطواتي أين تذهب وأخاف ان تسقط علي قطرة من مطر فتقتلني..
أبعث لي ورقة..أبعث لي بورقة شجرة لكن من الغابة التي تبعد عن بيتك نصف ساعة أو أكثر.. أذهب أذن وسوف تكون قويا وسوف أشكرك لأجل تلك الورقة الجميلة..
لم أحبك أكثر..أختاه لم أحبك ابدا أكثر مما احببتك تلك الليلة حين سرت بعيدا عنك وابتلعتني الغابة ..الغابة الزرقاء يا أختاه الغابة الزرقاء وفوقها نجوم الغرب الشاحبة..لم أضحك أبدا ولا مرة يا أختاه ..حين كنت أسير لاهيا نحو مصير قاتم بينما وجوه تركتها ورائي بطيئا أصابها الشحوب.. تلك الليلة في الغابة الزرقاء أختاه كل شيء كان كبيرا في تلك الليلة ولم يظل كذلك.. لابعدها ولم يكن قبلها ابدا اعترف لك .. لقد تركت بلا أي شيء هناك الا صحبة الطيور الكبيرة وصرخاتها الجائعة في ظلمة سماء الليلة..

مقالات ذات صلة

التعليقات مغلقة