الباليه..الجمال برشاقة الفراشات ونغمات السحر

الصباح الجديد – وكالات:

الباليه، فن يقوم على تقنيات الرقص التعبيري ترافقه الموسيقى والإيماء والمشاهد المسرحية ومن أهم خصائصه الحركية، الرقص على رؤوس أصابع القدمين، ويضم ثلاثة انواع من الرقص هي الرقص المنفرد والرقص الثنائي والرقص الثلاثي، يعود لفظ الباليه إلى الكلمة الإيطالية ballare أي يرقص، إذ كانت بداياته مشاهد تؤدى في البلاط الإيطالي في أثناء عصر النهضة لتسلية الضيوف، ثم أطلقه الفرنسيون على حركات الرقص وتقنياته، وقد اكتسب رقص الباليه الكلاسيكي تقنياته من تطبيق نظام صارم في التدريب والتجارب على مدى أكثر من أربعة قرون، واعتمدت هذه التقنيات على جعل الجسم يتحرك بأكبر قدر ممكن من المرونة والسرعة والسيطرة والرشاقة.
يعود الفضل لظهور كلمة باليه لدومنيكو دي بياشينزا (1390-1470)،عندما اطلق اسم بالو بدلا عن دنزا (رقص)، برغم أن البعض ينفي علاقة ذلك بتطور الباليه، ويعد أول عرض باليه هو ما قدمه بالتازار دي بوجويولكس في عرضه باليه كوميك دي لا ريني (1581) وفي نفس العام عرض باليه فابريتو كاروسولإيل باليانو ولقد عدّت التقنية العالية في الرقص الجماعي والحركات تعزيزا لمركز إيطاليا كبلد رئيس في تطور الباليه برغم أن باليه كارسو قللت من حركة اليدين واعتمدت على الرقصات الجماعية إلا ان العديد من المختصين في الباليه لا يرون أن هذا دليل على أن عرض كارسو كان هو البداية للبالية.
فن الباليه الذي نشأ في عصر النهضة وبشكل خاص في إيطاليا،حقق تغييرا نوعياً من خلال الباليه الفرنسي باليه دوكو والذي إضافة للرقصات الجماعية فإنه قدم بشكل راق مصحوب بالموسيقى والحوارات والشعر والديكور والأزياء ثم بدأ الباليه في التطور كفن مستقل في فرنسا أثناء حكم لويس الرابع عشر والذي كان مهتما بالرقص وداعما له مما جعل الباليه يعيش فترة ازدهار بعكس فترة الانحدار التي أصابت هذا الفن مع بداية القرن السابع عشر، لويس الرابع عشر انشأ الأكاديمية الملكية للرقص وهي ما يعرف الآن بأوبرا باريس للباليه عام 1661 في العام نفسه التي أنجز فيها جان-بابتيسه لولي الباليه الكوميدية وفي هذا الباليه لم تظهر الباليه بشكلها الاعتيادي بل صاحبها غناء أوبرالي وأنشأ معهدا للتدريب على رقص الباليه ضم لاحقا للأكاديمية الملكية.
في القرن الثامن عشر تطورت تقنية الحركة كثيرا وأصبح الباليه فناً راقيا أسوة بالأوبرا وفي وسط هذا التقدم ظهر العمل المؤثر لجان جورج نافيري في باليه ليتريز سو لا دانزي الذي ركز على تطور رقصات الباليه وتحركات الراقصين المنسجمة مع شخصياتهم ومن الذين قاموا أيضا بتطوير الباليه كريستوف قلوك، وأخيرا ظهرت التقنيات الثلاث للبالية سيريو، ديمي- كاريكتري، وكوميك كما أصبحت هناك رقصات باليه في عروض الأوبرا تسمى ديفيرتيسمنتس.
في القرن التاسع عشر شهد الباليه تحولا كبيرا نتيجة التحولات الأجتماعية بعد أن كانت الأرستقراطية في جميع مظاهر الحياة فظهرت الباليه الرومانسية و نشأت أيضا تقنيات جديدة على يد راقصات الباليه مثل ماري تاليوني وفاني إليسلير كتقنية بوينتورك التي تنطلق فيها راقصة البالية لتتخذ وضعية الرقص وبدأ كتاب الأوبرات بكتابة القصص للباليه وقام بعض الأساتذة مثل كارلوس بلاسيس بتعليم قواعد الرقص الأساسية والتي لا تزال تستخدم حتى اليوم، ثم أصاب الباليه شيء من التراجع لكنها ضلت مزدهرة في دول كالدنمارك وروسيا بفضل اوقست برونونفالي وجوليس بيروت وماريوس بتيبا.
بعد الحرب العالمية الأولى قامت العديد من الشركات الروسية الخاصة بتنظيم جولات في أنحاء أوروبا مما ساعد على أزدهار هذا الفن مرة أخرى في الغرب.
يظن البعض أن الباليه فن رقص كلاسيكي ولا يتمّ إلا عبر الموسيقى الكلاسيكية لكنه في الحقيقة يعتمد لياقة جسدية أكثر من كونه رقصا تقليديا وهذا التسويق الممل لهذا الفن أبعده عن التداول بين الناس، علما أنه قد ابتكرت مدربات من إيطاليا وبريطانيا وعلى رأسهنّ سوانغا ميلي رقصات على انغام موسيقى عصرية وهذا ما يعرف بالباليه التعبيري، والباليه تقنية جسدية يجب أن تدركها كل راقصة لأي نوع من الرقص وهذا يعني ان درس الباليه هو المرحلة الأولى لتليين الجسد ولياقته للوصول إلى ممارسة أي رقص آخر بما فيها التانغو أو أي رقصات أخرى .
وفن الباليه من احدى مميزاته ارتباطه بالفنون الاخرى ، اي انه يحقق تكاملية الفنون فالمبدع في فن الباليه يفدم رسالة فنية متعددة العناصر تجمع مابين فن المسرح وفن الحركة التعبيرية ، حيث يكمن رقي هذا الفن في التفاعل مع مادية المجتمع وصياغتها بأسلوب درامي راقص فالإنسان هو الاداة الرئيسة الخالقة للحركة والتي تعد عماد هذا الفن والوسيلة الناقلة والمعبرة عن عالمه.
وفن الباليه يمر بمراحل فنية متعددة حتى يتم اخراجه بالشكل النهائي وتتشابه هذه المراحل الى حد كبير مع مراحل انتاج المسرحية الا ان الاختلاف الذي يحمله فن الباليه في مرحلته الفنية الاولى التي تسمى (لبرتو) حيث يتم تحويل القصة الى حركات مسرحية موسيقية تعبر عن المضمون.

مقالات ذات صلة

التعليقات مغلقة