ثمة مؤشرات تؤكد بقاء نهج التعاطي السياسي مع الأزمات في العراق من دون التفكير بتغيير أسس هذا النهج ولم تعد الأصوات التي تنادي بالإصلاح قادرة على تغيير المسارات وحدها وقد بات الشعب العراقي ينظر الى هذه الاصوات والدعوات بالإصلاح على انها تكرار لشعارات فارغة لم يجنِ منها الشعب العراقي شيئا فيما يلوذ بها أصحاب هذه الدعوات من أجل تلميع صورهم امام الرأي العام.
فقد أدرك هذا الشعب ان الوقت ينفذ ولم يعد هناك متسع لتقديم الأفكار والنظريات بشأن الإصلاح وان جميع البرامج التي جرى تسويقها في الحملات الانتخابية او تلك التي يطلقها رئيس الوزراء عادل عبد المهدي وزعماء سياسيون آخرون لم تعد تحمل بشائر الخير وان البشرى الحقيقية تتمثل بقدرة دعاة الإصلاح على تنفيذ برامجهم بشجاعة وصدق من خلال تقديم أمثلة حية تتوضح فيها معالم الزهد بالمناصب والإيثار والتضحية في سبيل الآخرين وفسح المجال أمام الأكفأ والأنزه والتحدث بواقعية عن مشكلات الشعب وإيجاد الحلول الآنية او القريبة التي تختصر معاناة الملايين والقبول بمشاريع غيرهم مادامت تنشد المصلحة الوطنية ومغادرة الغرف والجدران المغلقة والنزول إلى الشارع للتعرف بشكل مباشر على ماتعانيه شرائح المجتمع.
وللاسف كل ما تم ذكره في السطور السابقة مايزال بعيد المنال حيث يصر زعماء أحزاب على اجترار المهاترات واللهو بالمناكفات وعدم الاهتمام بما يمكن ان ينعكس عليه تأزيم الأوضاع السياسية وتأخير تشكيل الحكومة على مصالح الناس وتسود مشاعر الاحباط واليأس في أوساط عديدة من الشعب بحيث لم يعد أحد يصدق اية وعود يطلقها رئيس الوزراء او ممثلو الأحزاب في الحكومة بعد ان اوغل بعض السياسيين كثيرا في تعقيد المشهد السياسي بشكل ابعد كثيرا مرافئ الامل عن عيون الشعب وانتظار التغيير المنشود.
ويمكن القول أن مشكلة العراق اليوم تتعدى قضية الإصلاح إلى ماهو أعظم ونعني بها فقدان الإرادة في العمل بالإصلاح قبل الادعاء بالانتماء إليه او إطلاق الدعوات ورفع الشعارات للمطالبة به ولربما لم يعد ممكنا ان يتحقق هذا الإصلاح بوجود الشخوص والعناوين التي جربها الشعب العراقي وايقن استحالة تقديم الخير منها في ظل هذه الفوضى السياسية التي صنعوها او شاركوا في إنتاجها وستكون الخطوة الأولى في التغيير والإصلاح في استبدال الوجوه المكررة والمتعبة التي اتسم أداؤها بالضعف والجدب وماتزال تصر على البقاء في المشهد السياسي مستفيدة من الفوضى وتشتت الطاقات والتدخل الإقليمي الذي يصل في مراحل إلى مرتبة التهديد والتلويح بمعاقبة أحزاب وكيانات وشخوص وحرمانها من المشاركة في اية مناصب حكومية أو تشريعية .
د. علي شمخي
ابعد من الإصلاح..!!
التعليقات مغلقة