إلغاء مكاتب المفتشين العموميين

بصدور قانون الادعاء العام الجديد رقم49 لسنة 2017 الذي منح جهاز الادعاء العام سلطات واسعة في مكافحة الفساد والتحقيق الإداري واتخاذ كافة الإجراءات التي من شأنها محاربة الفساد، اصبح وجود مكاتب المفتشين العموميين، حلقة زائدة لا مبرر لها في الجهاز الإداري العراقي، حيث ان ما يمارسه من اختصاصات، أصبحت منوطة بالادعاء العام، إضافة الى ان ديوان الرقابة المالية وهيأة النزاهة، أيضا يمارسان نفس الدور في التحقيق والتفتيش والرقابة. وقبل انتهاء عمر الدورة البرلمانية السابقة.
تم طرح مشروع قانون الغاء مكاتب المفتشين العموميين، الا ان ضيق الوقت، لم يسعف المجلس السابق في التصويت عليه. وفي هذه الأيام، ثمة تحركات نيابية وسياسية لإعادة عرض مشروع قانون إلغاء مكاتب المفتشين العموميين على مجلس النواب، بغية التصويت عليه والغائه، تطبيقا لقانون الادعاء العام الجديد.
إضافة الى ان مجلس الدولة صدر له قرار مهم، حول صلاحيات المفتش العام في تشكيل اللجان التحقيقية الخاصة بموظفي الوزارات التي ينتمي اليها المفتش العام، يتضمن ذلك القرار المرقم 77/2018 مبدأ مهما وهو : عدم وجود سند من القانون يخول المفتش العام تشكيل لجان تحقيقية وفق احكام قانون انضباط موظفي الدولة والقطاع العام بحق موظفي الوزارة وفرض العقوبات عليهم.
وان سلطة المفتش العام تخص موظفي مكتب المفتش العام حصرا! هذا القرار المهم، هو بمثابة انهاء أي دور رقابي للمفتش العام، حيث انه وبموجب هذا المبدأ لم تعد هنالك حاجة لتلك المكاتب. وهذا القرار، هو تطبيق سليم للقانون، حيث ان صلاحيات أي دائرة حكومية، تحدد استنادا للقانون الذي شكلت بموجبه.
ومكاتب المفتشين العموميين شكلت بموجب أمر سلطة الائتلاف المؤقتة رقم57 لسنة 2004 الذي نص في القسم5 منه على مهام تلك المكاتب ومنها: فحص ومراجعة جميع سجلات الوزارة وكل ما تقوم به والمراجعة والتدقيق في عمليات الوزارة وتلقي الشكاوى المتعلقة بأعمال الغش والتبذير وإساءة استخدام السلطة.
وقد منحت الفقرة 9 من المادة أعلاه المفتش العام صلاحية إحالة الأمور الى الجهات الإدارية والنيابية المناسبة لاتخاذ الإجراءات الإضافية المدنية والجنائية والإدارية بشأنها! وقد وردت مفردة تحقيق في الفقرة 7 التي نصت: تلقي الشكاوى من أي مصدر والتحقيق فيها او المبادرة بالتحقيق في اعمل يزعم انها تنطوي على غش او تبذير! ولم يتم تحديد مصير التحقيق الذي يتم اجراؤه وفقا لهذه الفقرة.
ما يحصل على الواقع العملي، ان مكاتب المفتشين العموميين، تقوم بالتحقيق مع الموظفين واحالتهم الى المحاكم المختصة عبر هيأة النزاهة، وكذلك فرض العقوبات الانضباطية بحقهم وإصدار قرارات تضمينهم المبالغ المالية التي يرى المفتش ان الموظف تسبب بهدرها! في حين ان الأمر 57 لسنة 2004 لم يشر صراحة او ضمنا الى تلك الصلاحيات. كما ان فرض العقوبات الانضباطية او الإحالة الى المحاكم، تتم لجنة مشكلة وفق قانون انضباط موظفي الدولة رقم14 لسنة 1991 وهي لجنة تتكون من ثلاثة موظفين.
ان مسألة إلغاء مكاتب المفتشين العموميين، لابد من وقفة حقيقية لها، حيث ان بقاء تلك المكاتب في وقت لم تعد تملك اية صلاحيات للقيام بالتحقيق والتفتيش ووجود جهة أخرى وهي الادعاء العام تتولى دور تلك المكاتب.
سلام مكي

مقالات ذات صلة

التعليقات مغلقة