لا إحتفاء بصورة مؤطرة بالبكاء

في موت الاديب، الفنان، المفكر، تتقدم الاناقة في صالونات «النعي» وكلمات الاطراء ورفع الكؤوس في صحة الصورة المعلقة قرب مشهد الاحتفال، من دون الشعور بالذنب ازاء الاهمال وربما التهميش لهذا او ذاك «المحتفى به» ليأتي دور النقاد والباحثين، ينقبون في الاثر المتروك، ليشبعوه درساً في حوارات توقظ في الذاكرة «لحظة الموت» فهي وحدها طريق الشهرة والعناوين البارزة على صفحات وسفر ثقافتنا.
وأزعم أن هناك تقصير في مدونات المؤسسات الثقافية ازاء المبدعين الاحياء، وأشعر ومعي صحبة الوعي والفكر، كم نحن عاجزين ان نرد إليهم ذلك الجميل، أو أن نعطيهم شيئاً يعادل قاماتهم الباسقة، ومنجز يظل دهرا مرجعا للدرس والبحث والعلوم الأخرى.
لذا لابد من التأكيد والحاجة الى اعادة النظر بمفهوم الاحتفاء بالرموز وهم على قيد الحياة، تأكيداً لانتمائنا للحياة والثقافة الحية، بعيداً عن الاستذكار والبكاء على الأطلال.
وهذه الأحاطة يقينا تجني ثمارها لدى هؤلاء المبدعين، بل تجعل الأمل يتدفق أبداعا في توحدهم مع الوعي وفضاءات الأنفتاح نحو أفق الاستمرار في درب النضوج أكثر.
لا أبداع في صورة مؤطرة بالعزاء، للراحلين دون أعتراف منا بحقيقة وجودهم خلف واحات شاسعة من الألق، من المعارف، والثقافات المتشعبة والمنبسطة على مساحات منجزاتهم المعرفية.
ربما من المؤسسات القليلة ان لم نقل النادرة التي حرصت على الاحتفاء بالمبدعين العراقيين وهم أحياء مؤسسة المدى للثقافة والاعلام، ورغم مؤخذا تالبعض على هذه المؤسسة الا انها كانت المبادرة الأولى لمثل هذه الاحتفاءات، التي اسعدت المحتفين بحياتهم قبل مغادرتهم لنا ويومها لن يشهدوا كم المحبة التي يكنها المتابعين والمثقفين لهم، من هنا نؤكد ان الاحتفاء يجب ان لايأتي متإخرا أبدا، ولا ابداع في صورة مؤطرة بالبكاء للراحلين صوب المنافي، لا بد أذن من أعادة النظر في تراتب حياتنا الثقافية المغايرة، بل وتسجيل هذا الأحتفاء « الحياتي « في مدونات الثقافة وأرشفتها، لئلا تضيع منا في غفلة من زمن منفلت، وقاسي، في تعامله مع المثقف العضوي بشتى وجوده، وهو الذي منحنا فرصة صياغة حياتنا من خلال قراءة مفردات كتبها تحت ضوء الشمس وأيقاع المطر .

مقالات ذات صلة

التعليقات مغلقة