كايثلين هينسي
ديفيد اس كلاود*
لـ3 سنوات, اعلن اوباما انه الرئيس الذي اغلق باب النهاية لعقد من الحرب الاميركية القاتمة في العراق. لكنه عاد اليوم ليفتح الباب ذاته من جديد. و عوضا عن اصرارهم ان لا قوات اميركية مقاتلة ستعود للعراق, لم يضع مستشارو اوباما الا قدرا محدودا من القيود او التعاريف لطبيعة آخر مهمات واشنطن العسكرية التي بدأتها يوم الجمعة الماضي بضربات جوية ضد تنظيم داعش الارهابي مع القيام بعمليات اغاثة هناك. و بالنظر الى رفض اوباما المعلن لاستخدام القوة العسكرية في سوريا و باقي المناطق الساخنة الاخرى, فأن البيت الابيض يواجه ضغوطا كبيرة لتفسير الاختلاف الذي يمثله العراق اليوم, و ما الذي ستحققه الضربات الجوية, و ما اذا كان اوباما يعمل من اجل فتح فصل جديد من حرب قديمة يا ترى.
و الان, و مع استخدامنا للقوة الفتاكة في العراق, فأن هذا الوضع يمثل جسرا كبيرا للمرور من فوقه, جسر يصعب جدا الرجوع عليه اذا ما عبرناه كما يعبر الجنرال المتقاعد ديفيد بارنو الذي خدم كقائد اعلى للقوات الاميركية في افغانستان للفترة 2003-2005.
و يقول بارنو معلقا “انني ارى في هذا الامر حدا فاصلا فعلا”.
لقد استمر اوباما لاشهر مقاوما هذه الخطوة. لكن خلف الكواليس, بدأت معامل صناعة صواريخ هيل فاير الاميركية بالانتاج لـ7 ايام بالاسبوع بغية تلبية احتياجات العراق العاجلة لطرد تنظيم داعش, حسب تأكيدت مسؤولين مطلعين في الادارة الاميركية. كما ان طائرات المراقبة المسيرة و التي تعمل بطيار باتت تقدم معلومات مراقبة استخبارية على مدار الساعة تقريبا عن اربيل و باقي المناطق المهمة الاخرى.
و في هذه الاثناء, يقول مسؤولون ان الولايات المتحدة تسير طائراتها المسيرة المسلحة على تخوم اربيل بحثا عن اهداف لضربها. و ما دامت قوات الجماعات المسلحة المتطرفة خارج المدن, فأن للضربات الجوية ان تتمكن من اضعافها عبر استمكان و ضرب العجلات و الاسلحة الثقيلة التي يسهل ضربها في الاماكن المفتوحة. ولاشك ان ذلك سيعطي المقاتلين الاكراد في الشمال و معهم قوات الجيش العراقي القريبة من بغداد, يعطيهم الوقت لاستعادة الاراضي من جديد. الا ان تنظيم داعش الارهابي قد يرد بتشتيت قواته بغية تجنب القنابل الاميركية. و اذا ما بدأ هؤلاء بخسارة المعدات و تكبد الضحايا, فقد يعمدون الى الانسحاب بالنتيجة. كما ان المسؤولين الاميركيين يقولون ان الضربات الجوية المستمرة في اقل الاحوال, قد تردع او على الاقل تؤخر التنظيم الارهابي.
من جانبهم, يحذر بعض الخبراء من ان الاستهداف بالضربات الجوية قد لا يكون فعالا. و في هذا السياق, يقول الخبير في شؤون الدفاع من مجلس العلاقات الخارجية, السيد ستيفن بيدل, يقول “ان الضربات المبنية على اسلوب الاستهداف بالملاحقة قد لا تملك سوى فرصة قليلة جدا لتحقيق انحسار في الحرب الاهلية المتوسعة في العراق”. و يضيف قائلا “في حال ان الضربات الجوية لن توصل تنظيم داعش الارهابي الى حافة الهزيمة, فأن اوباما قد يواجه ضغوطا للقيام بما هو اكثر, ما يعني مهمة اكبر و اعقد و اوسع تشتمل على مخاطر الغرق في مستنقع خطير جدا”.
كما ان انتقال التنظيم الارهابي للقتال في اماكن اخرى من العراق او على الاقل عدم تراجعها انما قد يرفع الضغوط على الاميركيين للقتال الى جانب الوحدات العراقية و الكردية, ما يعني توجيه ضربات جوية اكثر و ادق, فضلا عن فرق دعم تكتيكي حسب الجنرال بارنو.
في الماضي, كان اوباما يضع القيود و المحددات امام البنتاغون الذي عادة ما يدفع باتجاه توسيع العمليات العسكرية الخارجية, الا انه بات يستثمر الان شخصيا في الصراع العراقي كما كان يعمد الى ذلك في السابق. و قد ينتهي الحال به ليؤكد الدروس القديمة ذاتها, الدروس التي تقول ان بدء حرب امر سهل, الا ان انهائها امر آخر مختلف تماما.
في سياق متصل, واجه اوباما انتقادات جمهورية قوية تحثه على استخدام قوة اشد و اكبر, حيث قال اصحابها ان خطر داعش كبير و يتطلب خطة اكثر شمولا و سعة. لكن مساعدي البيت الابيض كانوا مهتمين اكثر بتطمين الاميركيين, لاسيما القاعدة الديمقراطية من ان الرئيس لا يسعى لفتح الباب امام حرب جديدة. كما ان مسؤولي الادارة الامريكة اكدوا عدم وجود اطار محدد لحملة القصف, فضلا عن عدم وضعهم لتعريف محدد لصورة الانتصار المطلوب. و ضمن مؤتمر صحفي هاتفي مع صحفيين, قال مسؤول اميركي رفيع ان الضربات الجوية الاميركية قد تصل في مداها الى محيط بغداد او اي مكان اخر في العراق حيث يمكن ان يتعرض الاميركيون او منشآتهم للخطر جراء تقدم تنظيم داعش الارهابي.
يذكر ان ما يقدر بـ5000 من الاميركيين متمركزون في السفارة الاميركية في بغداد, بمن فيهم 200 من العسكريين المكلفين مهمة حماية السفارة و العمل مع القوات العراقية ضمن مركز العمليات المشتركة. فضلا عن ذلك, يوجد هنالك ما يقرب من 500 جندي في المطار ينسقون عمليات نقل المساعدات العسكرية. و هنا, يلفت الجنرال بارنو الانظار الى “ان الموقف الحالي مفتوح بشدة و قابل للتوسع بشكل كبير كذلك”. ويضيف ايضا “لابد من تسليط الضوء على حقيقة ان الالتزام الاميركي الحالي غير مرهون باطار زمني محدد”.
فضلا عن ذلك, فأن خطر حرب جوية مفتوحة برز مع قرار اوباما التدخل في ليبيا العام 2011. لقد اشتركت الولايات المتحدة انذاك فيما وصف انه جهد دولي مشترك و محدود لوقف هجمات القذافي ضد المدنيين. الا ان الحملة الجوية استمرت لاشهر طويلة قبل ان يتمكن المتمردون من اسقاط الدكتاتور القذافي, لتسقط البلاد في مستنقع الفوضى حيث يمزقها العنف منذ سقوطه و حتى اليوم.
* ترجمة الهادر المعموري
عن “لوس انجلوس تايمز”