حبيب السامر
مع اقامة كل مهرجان وفعالية ثقافية في بغداد ومدن العراق التي تشهد دفقا ثقافيا وابداعيا ،تصدر بعض الاصوات التي تطالب بمبدأ المساواة في القراءات الشعرية في كل مهرجان، واعتراضها على مسمى ( الشواعر) وبعضهن يؤيدن هذه الكلمة برحابة .وفي محور اخر: هل أنت مع مطالبة بعض الاديبات في المساواة في القراءة الشعرية في المهرجانات والملتقيات أم مع اسم الشاعرة المهم والنص الجيد الذي يفرض حضوره ؟
اجابات متعددة ومتفاوتة تصب في محورين مهمين.
بدأت الناقدة د. اماني الفاضل حديثها قائلة:
لابد من توضيح بسيط للمفردة ومن ثم بيان الرأي فيها مفردة شواعر جاءت على وزن فواعل لأن معناها لا يسعفها بمعادلة دلالية لكلمة شعراء المقابلة لها وقد وردت عند القدماء مثل الاصبهاني كتاب (الاماء الشواعر) هذا من الناحية المعجمية وبما أن اسماعنا اعتادت عند جمع الاسم المؤنث أن يكون بالألف والتاء كما هو المعتاد في جمع المؤنث السالم نجدها غير مقبولة لأنها غير متداولة كما هو الحال مع مفردة الشعراء .
وبما أن العربية متطورة دلالياً أرى أن المفردة غير مستساغة وحتى غير مقبولة وتحمل في طياتها شيئا من الاستهانة والاستهزاء ، ولا ضير من التوصيف الشاعرات لأنها تؤدي نفس الغرض الدلالي وأيضاً هناك الكثير من المفردات السائدة بالعربية بلا قياس ومضطردة في الاستعمال .
وفي محور اخر تحدثت الناقدة د. اماني الفاضل:
نعم معهن بالمساواة في القراءة الشعرية بالمهرجانات والملتقيات ولكن بشروط لابد من لجنة متخصصة تفحص النصوص وتجيز النص وبذلك تجنب المهرجان والملتقى الحرج والاقاويل وتجنب الشاعرة أيضاً والامر الاخر المهم المهرجانات والملتقيات هي فرص ذهبية لمن هو جديد على الساحة الأدبية لإثبات وجوده في الاذهان من خلال نصه وحتى الشاعر الذي يمتلك اسماً راسخاً ورسم وجودهِ في اذهان الناس لابد له من النص الجيد ولا يعتمد على اسمه فقط كجواز للمرور فهناك الكثير من الشعراء والشاعرات يأتي إلى المهرجانات معتمداً على نصوص مطبوعة أو نصوص قديمة ولا يهيئ نصاً جديداً لذا أنا مع النص الجيد أولاً واخيراً لأنه هو الذي يفرض وجود الشاعر والشاعرة .
وواوضحت الشاعرة والكاتبة وفاء عبد الرزاق نقطتين مهمتين بقولها:
1 – ما الرأي المطلوب من مفردة شواعر؟ فهي في القاموس وفي اللغة جمع لمفردة شاعرة، بين( شواعر، وشاعرات) لكني أستغرب أن بعد هذا الحضور الفاعل للمرأة الشاعرة نأتي ونتساءل عن تسمية فقط ، تاركين مدى قدراتهن الابداعية وتأثيرها في الساحة الابداعية العربية والعالمية.
2 – النص الجيد يفرض نفسه، وهو سيد الموقف على المنصة وليس قائله، سمعت الكثير من المشاركات بين الرجل والمرأة، ليس كلها ما تستحق المشاركة، أنا اصر على الاختيار ونوعيته وتسليط الضوء عليه اعلاميا أثناء المهرجانات، على ان يكون التساوي أيضا بين حضور الطرفين/ الشاعرة والشاعر..لماذا هذا الكم من الشعراء؟ بحيث يصيب الحضور الملل وتضيع قصائد جميلة بهذا السلوك الخاطئ،، هذا باعتقادي اهم من السؤال عن التساوي بين كلا الجنسين..الحشو اساءة للشاعر والحضور.. شيء مهم أود اضافته،، اعتبره مهما جدا ، أثناء تسليط الضوء على الضيوف من بلدان اخرى في الافتتاحية علينا مشاركة شاعر وشاعرة من العراق، وغير ذلك اعتبره اجحافا بحق المبدع العراقي.
وأبدت الشاعرة منتهى عمران وجهة نظرها في هذين المحورين :
شواعر أو شاعرات هي مفردات متعلقة باللغة العربية لاتحمل في طياتها سوى معناها الحرفي على حد علمي. ولكني أميل إلى الشاعرات لأنها مفردة باتت متداولة والأقرب إلى المفهوم العام.
أنا بالتأكيد مع النص الجيد أولا وأخيرا على حد سواء كان لشاعر أو شاعرة دون تمييز جندري كما يقال .. الشعر الجيد يفرض نفسه ومن المتعارف عليه حتى في الدول المتحضرة أن نسبة النساء في الأوساط الأدبية هي الأقل قياسا بالرجال وهذا لايحط من قدر المرأة بقدر مايرتبط بأسباب عديدة لامجال لذكرها هنا .. لاننسى أن ليس كل الشعراء يكتبون شعراً جيدا فهناك تباين واضح في المستوى ولذلك نرى أن الأسماء الشعرية المعروفة ولها صدى تعد على الأصابع رغم الأعداد الكبيرة من المحسوبين على الشعراء. وبما أن عدد الشاعرات هو الأقل أرى من الضروري فسح المجال لها بشكل أكبر للمشاركة في المهرجانات مادام هناك اعتراف أدبي بها كشاعرة ..
وأكدت الشاعرة د. في السياب بقولها:
– إن لفظ (شواعر) لفظٌ يدلُّ على جمع كلمة شاعرة والتي قد تجمع ايضاً شاعرات.. ولكون جمع كلمة شاعر هي شعراء .. كان من الأنسب استخدام شواعر..
ولا تحمل شواعر ايةَ اساءة للمرأة التي تكتب الشعر .. أبداً..
اما الدلالةُ الكلامية على صحة هذا الجمع قولهُ تعالى في سورة الممتحنة
والدلالة ايضاً في قوله تعالى
( ولا تمسكوا بعصم الكوافر) الممتحنة ١٠
كافر: كفار ونادراً كافرون
كافرة : كوافر و كافرات
أما في ما يخصُّ المساواة بين الشاعرة والشاعر في النصوص في المحافل الشعرية..
فأنا لستُ مع المساواة فهذه المفردة مضللة لكن لنقل (العدالة) فالعدالة في ان يأخذ النص الجيد حقه في المحفل الشعري ولا يكون الظهور لا على اساس العمر او الجنس او اللون بل على مدى قوة النصّ و بلاغته..
ولربما كان من الافضل ان تعرض النصوص على لجنة تقييمية دون اسماء كتابها حتى يتم الاختيار بشفافية تامة .. بعيداً عن المحسوبية..
فما حدث في بعض المهرجانات المهمة من ظهور نصوص رديئة لتمثل العراق وتعطي انطباعاً مزيفاً عن نوعية الشعر في الساحة العراقية قد ادى الى بخس حق النصوص العظيمة التي القيت في ذات المحفل..
لا فرق بين الشواعر والشعراء.. الا بالنصِّ الرخيم العميق..
لسنا في حرب مع الشاعر او في صدد الثورة بالكيان الانثوي..
فلنا في تجربة السياب والملائكة خير دليل على ان الشعر قبل الشاعر احياناً!
وللشاعرة ابتهال قاسم رأي في هذا الصدد ، حيث قالت:
– بالنسبة لمفردة شواعر…من الجانب اللغوي مفردة صحيحة على وزن فواعل … فجمع شاعر شعراء .شاعرة شواعر …ولكن كلمة شاعرات اجدها اكثر تعبيرا وانصافا للمراة الشاعرة ربما الحساسيه تاتي من مقاربات من كلمات غير مستحبة مثل كوافر وغيرها بالنسبة لموضوع المساواة مع الرجل…المرأة مثلها مثل الرجل لها حقوقها وعليها واجباتها…ولكن لا اظن ان المساواة تتحقق في مجتمع كمجتمعنا الذي تحكمه التقاليد والاعراف والدين…مع هذا من حق المراة ان تحصل على حقها في التعليم والعمل والزواج ومشاركة الرجل في مجالات متعددة سياسية وادبية وثقافية وعلمية حسب قدراتها وعملها ونشاطها وتقديم الدعم والتشجيع اللازم لها وعدم معارضتها وتهميشها …
اما بخصوص مشاركة المرأة انه بالتأكيد في كل مهرجان او ملتقى ادبي يجب ان يكون المشارك ذا موهبة وقدرة وشجاعة ليقف على منصة الشعر …المسالة ليست محاصصة ولا هو صراع بين الرجل والمرأة او هي محاولة تهميش واقصاء ..انما هي مسؤولية كبيرة يتحملها الجميع….. مساهمة المرأة بالقراءة ضرورية ولكن مع اعتماد النص الجيد وحسن الالقاء والحضور والتمكن من اللغة وهذا يشمل الشعراء الرجال ايضا ليس فقط الشاعرات…صحيح ان مشاركة المرأة ضرورية ولكن يجب ان يكون الاختيار صائبا لمن تعتلي منصة اي مهرجان…
اما الشاعرة بلقيس خالد فقد اضافت:
حول موضوعة مفردة الشواعر ورايها بهذه المفردة .. وايضا رايها بموضوع المساواة مع الرجل؟
ج1/ في المعاجم العربية يكون العمل كالاتي
شعراء……. شواعر
شاعرات…. شاعرون
وفي تراثنا العربي هناك كتاب للأصبهاني عنوانه (الإماء الشواعر)
وفي النص القرآني (ولاتمسكوا بعصم الكوافر) والكوافر جمع تكسير لمؤنث مفردة : كافرة ..
أما التداول فلا يشترط الإلتزام المقدس بالمعاجم، لكن يبدو أن البعض يتصور أن كلمة شواعر هي أصح من شاعرات . وهذا تصور خاطىء
ومن باب المعنى الإيحائي، يبدو أن نسق الرجولة، يفضل تكسير حضور المرأة، فيروّج لكلمة (شواعر) لتكون لها السيادة المطلقة، وبخصوص القواميس ليس كل ماجاء فيها هو الحق المطلق .وإلاّ ما تكاثرت القواميس.
هنا يحضرني المثقف اللبناني الريادي أحمد فارس الشدياق في كتاب قرأته له قبل سنوات، عنوانه ( الجاسوس على القاموس) يتناول فيه ما لايراه صحيحا في معجم الفيروز آبادي .بإختصار أنني أفضل كلمة شاعرات
فالمعنى الإيحائي فيها مشحون بالرصانة . وأنا اتساءل لماذا الترويج الان لكلمة الشواعر!
وانا بدوري أتساءل مَن يحدد جودة النص؟ اسم الشاعرة؟ أم فحوى النص؟ وكذلك من يحدد جودة نص الشاعر؟ تلك الأصوات التي تطالبه بإعادة قراءة ذلك البيت الشعري ؟ أم المجاملة وأيادي أصدقاء الشاعر التي لاتكف عن التصفيق من صعوده المنصة حتى عودته للجلوس في كرسيه؟ المساواة شرط أخلاقي وثقافي. من العيب حضاريا أن يقرأ أكثر من سبعة شعراء لتقرأ من بعدهم شاعرة ..ومن المخجل ان تكون الجلسة الشعرية بل حتى النقدية رجولية فقط !! لصالح من يتغيب المثقفات العراقية في المهرجانات والملتقيات. المهرجانات اقيمت للمنافسة والمبارزة الشعرية ومن حق الشاعرة العراقية المشاركة وبالتساوي مع الرجل الشاعر. مادامت القصيدة هي الجواز لكسر الحدود.
الشاعرة ابتهال المسعودي قالت:
في اللغة الجمع بالتأنيث شواعر
وهو مايصح التعامل به لاننا نكتب باللغة العربية الفصيحة ودلالاتها القرانية وهو كتاب الله المحكم لقوله الفصل( إنا أنزلناه قرآناً عربياً مبيناً)
وما افضله هو ان اكون ماعنته اللغة قولاً واصطلاحاً ودلالة
اما عن المساواة
فهذا فرض الحرف لا فرض الجنس
فهل مثل الخنساء
تقارن بغيرها
انما هي اخت صخر
ولكل حرفه وبه يقاس
لا مكان للجندرية في اللغة والشعر والادب