زينب الحسني :
لم تكن تعلم انها ستكون ايقونة هذا البلد ومصدر صبره وعطائه على مر السنين فهي قيثارة ارض الرافدين وشهريار ايامه ولياليه.
كانت تروي كل ليلة حكاية عن بلد احاطه الموت والنار من كل جانب ، وعن ابطال صارعوا الوحوش والغيلان ليحرسوا حدود وارض بلادهم المقدسة .
وعن نساء شاركن الرجال الحرب والجوع والموت لم يقفن وراء الجدران او يهربن من المواجهة، بل صبرن حتى كن حطبا للحروب والماسي المتسلسلة لهذه الارض التي ضاقت بهن بما رحبت.
تشردن وطوردن وعملن وقمن بتربية أجيال، زرعن وحصدن وكان الحصاد وافرا من ابطال وفرسان غرست بأرواحهم عشق الأرض والرغبة في الموت بين ذرات ترابه .
كانت شهرزاد تسرد الافراح والاتراح التي كانت تمر بها النساء من جراء ويلات الجوع والعذابات والالم على فقدان الاحبة وتركهن يتلظين بنيران الحرمان والخوف الا انهن سطرن أروع الامثلة في رحاب الصبر وقوة العزيمة وفي الوقوف بوجه المحن والمصاعب لتظل تلك القارورة منبعا لرائحة الحياة والسلام.
امرأة بألف رجل، عظيمة كالشمس تنير لكل من حولها ومصدر للأبداع والحكايات ، لا تكفيها الف ليلة وليلة ولا يكفيها العمر باسره ليكمل حكاياتها التي لا تنتهي الا مع انتهاء النهار لتعود وتبزغ مع فجر يوم جديد لتنير قلب الدنيا وتتوهج في عيون احبتها وعشاقها .
وطنها عشقها وابناؤها هم روحها وحراس عرشها وابطاله لذا لم تكن تفصل بين عشقها وروحها.
كانت مع سقوط كل فارس تسقط قطعة من قلبها وتتناثر بين ذرات تراب هذا الوطن لتعود وتمد الحياة لفارس آخر ينذر روحه وقلبه لملكته ومملكته .
فكل عام وشهرزاد الرافدين بألف عافية وتألق وهي تتربع على عرش النساء، كل عام وهي تعانق السماء بعطائها وجمال روحها وقلبها النابض بحب وطنها
وعشقه من دون أن تمله او يملها بعد ان ارتبطت به وبنخيله واكتسبت سمرتها من تربته وشمسه لتكون منه وإليه.
دمت اما واختا وزوجة وحبيبة وأسطورة لكل زمان ومكان ودمت سندا وعونا لا يقبل التخاذل أو التراجع، متقدمة في كل مجالاتك وأينما حللت يا الف حكاية وحكاية تسرد على مراحل الزمان والف ليلة وليلة تطوين فيها أحزانك ومحنك اللامتناهية.