أمية الجبارة.. جوهرة عراقية من ناحية العلم

ملاحم بطولية للمرأة
متابعة الصباح الجديد :

تتميز المرأة العراقية بالتفاني والصبر والقدرة على تحمل المعاناة والنتائج الكارثية لموجات الحروب والحصار والعنف والإرهاب على مدى سنوات طويلة. وما زالت المرأة العراقية تكابد وتواصل الحياة، وتشارك الرجل في صنع مستقبل مشرق، وسط الظروف الصعبة والتحديات الخطيرة، من أجل عراق ينعم بالأمن والأمان والسلام والطمأنينة.
بطولاتٍ فذة للمرأة العراقية المقاتلة التي شاركت وتشارك في الدفاع عن وطنها. فهناك عشرات النساء ممن سطرن أروع الأمثلة في البسالة والتضحية وواجهن عدوا متغطرسا لا يعرف الرحمة ولا الشفقة، عدو متعطش لسفك الدماء وقتل الأبرياء.
هؤلاء النساء أصبحن أهزوجة نخوة للأبطال، ورمزًا للفداء والتضحية، ومصدر الهام لأخوتهن وهم يسحقون رؤوس الإرهابيين على جميع الجبهات.
الشهيدة البطلة الشيخة أمية ناجي جبارة الجبوري، مستشارة محافظ صلاح الدين لشؤون المرأة والرعاية الاجتماعية، انتمت إلى عائلة عُرفت بتصديها للمجاميع الإرهابية، وتحديدًا تنظيم القاعدة والجماعات التابعة له. قدمت عائلة أمية العديد من الضحايا وفي مقدمتهم والدها ناجي الجبارة شيخ عشيرة الجبوروآخرين،شاء سبحانه في علاه ان تكون من بينهم. كانت امية المحامية، التي تركت أربعة أطفال، في مقدمة المنادين والمطالبين بتطهير محافظتها من الإرهابيين.
مثل سكان بلدتها العلم ، شمال شرق تكريت، الذين ناوأوا داعش، رفضت أمية الذل والخنوع للإرهابيين، وهي القائلة: نحن أحفاد حمورابي فكيف نسمح لبلدنا أن يكون بلدا تحكمه شريعة الغاب؟. وجاءت فرصتها حينما حملت السلاح إلى جانب مقاتلي العشائر من قبيلة الجبور الذين انبروا للدفاع عن أرضهم. في 22 حزيران 2014 تصدت أمية مع أبناء بلدتها لإرهابيي داعش الذين هاجموا البلدة لاقتحامها، واندلعت اشتباكات مسلحة حامية بين قوة مشتركة من القوات الامنية العراقية وأبناء العشائر ضد الإرهابيين. وفي مواجهة بدت ثأرية لأبيها ولعشيرتها، تمكنت أمية ببندقيتها من قتل ثلاثة من مسلحي داعش قبل أن ترديها طلقة قناص داعشية لتسقط شامخة وتمتزج دماؤها الزكية بتراب وطنها الذي أبت أن يدنسه الدواعش.

فداء النفس
ابنة الكرم والجود التي باتت مصدر فخر واعتزاز لاهلها وعشيرتها وابناء بلدها، ابدت بطولة نادرة صارت حديث الجميع ومثار اهتمام وسائل الاعلام كافة بعد ان اضيف اسمها الى قافلة الشهداء، سيما وانها تنازلت عن كل مغريات ومتاع الدنيا وزينتها واختارت الالتحاق بالذين سبقوها ممن نذروا انفسهم فداء للوطن فزفوا الى جنات الخلد
تنحدر الشهيدة (45عاما) من اسرة عرفت بولائها للوطن فوالدها الشيخ ناجي الجبارة شيخ عشيرة الجبور في ناحية العلم الذي اغتالته عصابات القاعدة في اثناء عودته من الحج عام 2006، وهي تنتمي لعائلة قاومت تنظيمات القاعدة في اوقات سابقة وقدمت العديد من الشهداء وعمها البطل عبدالله جبارة الذي استشهد خلال الهجوم على مجلس محافظة صلاح الدين 2012 واثنين من اخوتها استشهدا أيضا على ايدي قوى الارهاب وقد رشحت لانتخابات مجالس المحافظات 2013 في صلاح الدين لكنها لم تفز وهي عضو ائتلاف العراقية الحرة وكانت تشغل منصب مستشار محافظ صلاح الدين لشؤون المرأة اذ حازت على تقدير نساء صلاح الدين لانشغالها بشؤون المرأة في المحافظة والسعي إلى تعزيز دور النساء في المجتمع كما تعد احدى ناشطات المجتمع المدني وعضو الهيئة الادارية لمجلس محافظة صلاح الدين.

جذور عشائرية
اتسمت الشيخة امية (رحمها الله) بصفات وخصال فريدة جعلتها تتميز عن مثيلاتها من النساء بكونها شخصية قوية رصينة تعتمد على امكانياتها الذاتية النابعة من تربيتها العشائرية ذات الجذور الاصيلة المليئة بالقيم والمبادىء النبيلة لما تمتلك من جرأة واضحة وطموح واسع ولديها من المشاريع التي كانت تسعى وتامل تنفيذها لخدمة مدينتها الى جانب طيبتها الفائضة ومحبتها العميقة الصادقة لمحافظتها اذ لم تغف لها عين وهي ترى التكفيريين يسلبون راحتها ويهددون امنها ويلتفون حولها لتدنيس ترابها باعمالهم الاجرامية الجبانة التي ليس لها علاقة بالاسلام والدين فكانت في مقدمة المنادين والمطالبين بتطهيرها منهم وجاءت فرصتها ان تحقق ماتصبو اليه بحملها السلاح لمقارعة الارهاب حتى ارعبت الاعداء وانتصرت عليهم بالشهادة معلنة عدم خوفها من الموت في سبيل الله ، قال الله تعالى (فَلْيُقَاتِلْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ الَّذِينَ يَشْرُونَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا بِالْآخِرَةِ وَمَنْ يُقَاتِلْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَيُقْتَلْ أَوْ يَغْلِبْ فَسَوْفَ نُؤْتِيهِ أَجْرًا عَظِيما)
هنيئاً لك ايتها الثائرة على الباطل والظلم هذا التكريم بما رزقك الله فالشهادة لاتليق الا بمن يستحقها عن جدارة وانت خير من خلق لها.

هوية شيوخ العشائر
صارت بطولتها النادرة حديث الجميع ومثار اهتمام وسائل الاعلام كافة. وتكريمًا لبطولتها، أعلنت مديرية شؤون العشائر العراقية، عن تكريم الشهيدة أمية الجبارة بمنحها هوية شيوخ العشائر، وهي عادة ما تُمنح لشيوخ العشائر الرجال. وأشار مدير شؤون العشائر في وزارة الداخلية اللواء مارد الحسون» إن أمية هي أول امرأة في تاريخ العراق تمنح هذه الهوية، تقديرًا لدورها البطولي في التصدي لعصابات داعش الإجرامية.
ماتت أمية واقفة كنخلات العراق لكن بطولتها صارت نبراسًا يضيء دروب الثائرين. أمية التي انتشرت قصتها وصورها على وسائل التواصل الاجتماعي والتلفزيون وهي تقاتل حتى الموت هي ما دفع مقاتلي العشائر للتطوع واستنهاض الهمم والاستبسال في القتال لاستعادة بلدتهم، وبالفعل تحررت بلدة العلم من سيطرة داعش وعاد إليها سكانها المهجرون في التاسع من اذار2015.

مقالات ذات صلة

التعليقات مغلقة