ساعات..

يقال أن عدد الساعات يفوق عدد سكان الكرة الأرضية بعشرة أضعاف ، وكلها ترصد الزمن الجاري ، الذي يعشه المواطن يوميا ، خلال الأربع والعشرين ساعة في نهاره .
ثمة من يرتدي الساعة في يده للتباهي، خاصة أذا كانت من النوع الفاخر ، البعض الأخر وبسبب سرعة حركة الحياة لم يعد يكتفي بساعة واحدة ، بل صارت على هيئة مستعمرة تحيط به، أنى ذهب يضع ساعة ، فالتي في المكتب غالبا ما تكون جدارية وكبيرة ، حتى يتاح إلى الجميع رؤيتها ، بالإضافة إلى أنها تراقب أوقات الدوام بدقاتها الرتيبة.
بالمقابل يحمل ساعة متجولة معه ، بعدما تحولت ساعة المعصم إلى زينة ضمن القيافة العامة، فثمة ساعة بجانب مقود السيارة وأخرى في جهاز الهاتف ، وهكذا تتعدد الساعات من حول الشخص، حتى تحاصره وتذكره بالزمن.
يقال أن معدل ما حول الإنسان يوميا يصل إلى عشرين ساعة ، وان الأوقات التي يقضيها المرء في مطالعة حركة عقاربها ، على مدار يوم كامل ، تتجاوز الأربعين مرة ، في بعض الأمكنة عدة ساعات جدارية لعدة قراءات مختلفة ، في مدن الله الواسعة .
ثمة هنالك من يراقب الزمن وينظر برتابة إلى هذه الآلات ، باعتبارها ثقلا معنويا ضاغطا على النفس ولا يحسب أهمية للزمن الذي تراقبه ، باعتبار أن عنصر الزمن ليس بذي بال ، مادام هو سائلا بين أيدي الناس ، وهي فكرة خاطئة عن سيولة الزمن ، فهو اشد كثافة من الهواء والحجر والإنسان ذاته ، حتى أن معظم الساعات في الزمن الحاضر تصنع من الحجر، حجر الكوارتز النابض بالحركة والوقت ، فهذه الحجر يمتاز بليونة حركة ايوناته ، وان كانت غير مرئية ، بيد أنها دقيقة وذات إيقاع ثابت لا يتغير منذ خلق الحياة حتى يومنا هذا ، ونتيجة الدقة في نبضه صنعت الساعات منه.
ترى أتشكل الساعات التي حولنا أهمية ما ؟؟ ، خصوصا وإنها أصبحت متواجدة باستمرار في الحياة ، حتى أننا بتنا نجدها في محطات القطار والسيارات والطائرات وأجهزة التلفاز. الساعات ليست مؤشرا إلى الوقت ، بقدر ما هي تنبيه إلى الحركة بان الزمن يجري ونحو الأمام، بمعنى انه يتقدم وليس ثمة تراجع أو دوران إلى الوراء وان من فاته الشيء لا يفكر بالقبض عليه، ربما في زمن أخر قد تتكرر الأحداث ، بيد أنها تختلف ، فالتي أتت اليوم تختلف بالتأكيد عما سيحدث غدا أو بعد عام وان عدم الإمساك بالزمن بشكل صحيح وبالوقت المناسب فانه يعني مرور العمر هباء أو بدون جدوى.
حميد الربيعي

مقالات ذات صلة

التعليقات مغلقة